والمَجهولِ مِنْ المَهرِ صَحَّ الإبراءُ قبْلَ الدُّخولِ وبعْدَه؛ لانعِقادِ سَببِ وُجوبِه وهوَ عَقدُ النِّكاحِ، كالعَفوِ عنِ القَصاصِ بعْدَ الجَرحِ وقبْلَ الزُّهوقِ.
فإنْ طلَّقَ الزَّوجُ المُفوَّضةَ أو مَنْ سُمِّيَ لها مَهرٌ فاسِدٌ بعْدَ البَراءةِ وقبْلَ الدُّخولِ رجَعَ المُطلِّقُ بنِصفِ مَهرِ المِثلِ؛ لأنهُ الَّذي وجَبَ بالعَقدِ، فهوَ كما لو أبرَأتْهُ مِنْ المُسمَّى ثمَّ طلَّقَها وعَفَا، وقيلَ: لها المُتعةُ.
فإنْ كانَتِ البَراءةُ مِنَ المُفوَّضةِ ومَن سُمِّيَ لها مَهرٌ فاسِدٌ مِنْ نِصفِه ثُمَّ طلَّقَها قبْلَ الدُّخولِ رجَعَ عليها بنِصفِ مَهرِ المِثلِ الباقي بعْدَ النِّصفِ السَّاقِطِ بالبَراءةِ، وهوَ مَبنيٌّ على ما سبَقَ، ولا مُتعةَ لها في أحَدِ الوَجهَينِ، والوَجهُ الثَّاني: لا تَسقطُ.
وإنِ ارتَدَّتْ مَنْ وَهبَتْ زوْجَها الصَّداقَ قبْلَ الدُّخولِ رجَعَ عليها بكُلِّه، أو ارتَدَّتْ مَنْ أبرَأَتْه مِنه قبْلَ الدُّخولِ رجَعَ الزَّوجُ عليها بجَميعِ الصَّداقِ؛ لعَودِه إليه بذلكَ، وكمَا يَرجعُ عليها بنِصفِه لو تَنصَّفَ (١).
قالَ الإمامُ ابنُ قدامةَ ﵀: إذا عَفَتِ المَرأةُ عَنْ صَداقِها الَّذي لها على زَوجِها أو عَنْ بَعضِه أو وَهبَتْه لهُ بعْدَ قَبضِه وهيَ جائِزةُ الأمرِ في مالِها جازَ ذلكَ وصَحَّ، ولا نَعلَمُ فيهِ خِلافًا؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ [البقرة: ٢٣٧] يَعني الزَّوجات، وقالَ تعالَى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)﴾ [النساء: ٤] … سَمَّاهُ غيرَ المَهرِ تَهبُه المَرأةُ للزَّوجِ، وقالَ
(١) «المغني» (٧/ ٢٠٤، ٢٠٥)، و «الكافي» (٣/ ٩٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٦٢، ١٧٣)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ١٩٩، ٢١٢)، و «منار السبيل» (٣/ ١٦، ١٧).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute