للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا المَرأةُ السَّفيهةُ إذا أعطَتْ رَجلًا مالًا ليَتزوَّجَها بهِ مِنْ وَليِّها ففعَلَ ذلكَ فإنَّ النِّكاحَ يَثبتُ، ويَلزمُه أنْ يَدفعَ لها مِنْ مالِهِ مِثلَ ما وَهبَتْه ويَرُدَّه إليها؛ لبُطلانِ هِبتِها فيهِ، وقدْ تَزوَّجَها بصَداقٍ تَبيَّنَ استِحقاقُه، فيَلزمُه أنْ يَدفعَ لها نَظيرَه، هذا إذا كانَ ما أعطَتْه قَدْرَ صَداقِ مِثلِها أو أكثرَ، وأمَّا إنْ كانَ أقلَّ فالظَّاهرُ أنه يَلزمُه أنْ يُكمِلَ لها صَداقَ المِثلِ؛ لأنَّ غيْرَ الأبِ ليسَ له أنْ يُزوِّجَ وَليَّتَه بدُونِ صَداقِ المِثلِ (١).

وقالَ الشَّافِعيةُ: إذا وَهبَتِ الزَّوجةُ الزَّوجَ صَداقَها المُعيَّنَ نُظِرَ: إنْ كانَ بعْدَ أنْ قَبضَتْه وطلَّقَها قبْلَ الدُّخولِ فهلْ يَرجعُ عليها؟ قَولانِ:

أحَدُهما -وهوَ الأظهَرُ عِنْدَ الجُمهورِ-: يَرجعُ بنِصفِ بَدلِه، إمَّا المِثل أو القِيمة؛ لأنهُ عادَ إليهِ بعَقدٍ، فلا يَمنعُ ذلكَ رُجوعَه عليها ببَدلِ نِصفِه، كما لو اشتَراهُ مِنها أو وَهبَتْه لأجنَبيٍّ ثمَّ وَهَبَه الأجنَبيُّ منهُ.

والثَّاني: لا يَرجِعُ عليها بشيءٍ؛ لأنهُ قد تَعجَّلَ له ما كانَ يَستحِقُّه بالطَّلاقِ قبْلَ مَحِلِّه، فلا يَستحِقُّه عِنْدَ مَحلِّه، كما لو تَعجَّلَ دَيْنَه المُؤجَّلَ قبْلَ مَحلِّه ثمَّ جاءَ وَقتُ مَحلِّه.

وإنْ وَهبَتْه إياهُ قبْلَ أنْ تَقبضَه فطَريقانِ: قيلَ: لا يَرجعُ قَطعًا، والمَذهبُ: طَردُ القَولينِ، سَواءٌ قَبضَتْه أم لا.

إذا كانَ المَهرُ دَيْنًا لها على زَوجِها فأبرأَتْه منهُ ثمَّ طلَّقَها قبْلَ الدُّخولِ


(١) «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٨٨، ٢٨٩)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٦٢، ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>