للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأخرَى: مَهرُ المِثلِ؛ بناءً على الرِّوايتَين في العَقدِ الفاسِدِ.

وقالَ الشَّافعيُّ: الواجِبُ مَهرُ المِثلِ؛ لأنَّ الفَسخَ استَندَ إلى العَقدِ، فصارَ كالعَقدِ الفاسِدِ.

ولنا: إنها فُرقةٌ بعْدَ الدُّخولِ في نِكاحٍ صحيحٍ فيهِ مُسمًّى صَحيحٌ، فوجَبَ المُسمَّى لغَيرِ المَعِيبةِ، وكالمُعتَقةِ تَحتَ عَبدٍ، والدَّليلُ على أنَّ النِّكاحَ صَحيحٌ أنهُ وُجدَ بشُروطِه وأركانِه، فكانَ صَحيحًا كما لو لم يَفسخْه، ولأنهُ لو لم يَفسخْه لَكانَ صَحيحًا، فكذلكَ إذا فسَخَه، كنِكاحِ الأمَةِ إذا عُتقَتْ تَحتَ عَبدٍ، ولأنهُ تَترتَّبُ عليهِ أحكامُ الصِّحةِ مِنْ ثُبوتِ الإحصانِ والإباحةِ للزَّوجِ الأوَّلِ وسائِرُ أحكامِ الصِّحةِ، ولأنهُ لو كانَ فاسِدًا لَمَا جازَ إبقاؤُه وتَعيَّنَ فَسخُه.

وما ذكَرُوه غَيرُ صَحيحٍ؛ فإنَّ الفَسخَ يَثبتُ حُكمُه في حينِه غيْرَ سابِقٍ عليهِ، وما وقَعَ على صِفةٍ يَستحِيلُ أنْ يكونَ واقِعًا على غَيرِها، وكذلكَ لو فُسخَ البَيعُ بعَيبٍ لم يَصِرِ العَقدُ فاسِدًا ولا يَكونُ النَّماءُ لغَيرِ المُشتري، ولو كانَ البَيعُ أمَةً فوَطئَها لَم يَجبْ بهِ مَهرُها، فكذلكَ النِّكاحُ.

الفَصلُ الثَّالثُ: إذا عَلِمَ بالعَيبِ وقْتَ العَقدِ أو بعْدَه ثمَّ وُجدَ منه رِضًى أو دَلالةٌ عليهِ، كالدُّخولِ بالمرأةِ أو تَمكينِها إيَّاه مِنَ الوطءِ، لم يَثبتْ لهُ الفَسخُ؛ لأنهُ رَضيَ بإسقاطِ حَقِّهِ، فسقَطَ كما لو عَلِمَ المُشتري بالعَيبِ فرَضِيَه، وإذا اختَلفَا في العِلمِ فالقولُ قولُ مَنْ يُنكرُه؛ لأنَّ الأصلَ عَدمُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>