للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (وإذا فسخَ قبْلَ المَسيسِ فلا مَهرَ، وإنْ كانَ بعْدَه وادَّعى أنهُ ما عَلِمَ حلَفَ وكانَ له أنْ يَفسخَ، وعليهِ المَهرُ يَرجعُ به على مَنْ غَرَّه).

الكَلامُ في هذه المَسألةِ في فُصولٍ أربعةٍ:

أحَدُها: أنَّ الفَسخَ إذا وُجدَ قبْلَ الدُّخولِ فلا مَهرَ لها عليهِ، سَواءٌ كانَ مِنَ الزَّوجِ أو المَرأةِ، وهذا قولُ الشَّافعيِّ؛ لأنَّ الفَسخَ إنْ كانَ منهُما فالفُرقةُ مِنْ جِهتِها، فسقَطَ مَهرُها كما لو فَسخَتْه برَضاعِ زَوجةٍ له أُخرَى، وإنْ كانَ منهُ فإنما فسَخَ لعَيبٍ بها دَلَّستْه بالإخفاءِ، فصارَ الفَسخُ كأنهُ مِنها.

فإنْ قيلَ: فهَلَّا جَعلْتُم فسْخَها لعَيبٍ كأنهُ مِنه لحُصولِه بتَدليسِه؟

قُلنا: العِوضُ مِنَ الزَّوجِ في مُقابَلةِ مَنافعِها، فإذا اختارَتْ فسْخَ العَقدِ مع سَلامةِ ما عقَدَتْ عليهِ رجَعَ العِوضُ إلى العاقِدِ معها، وليسَ مِنْ جِهتِها عِوضٌ في مُقابَلةِ مَنافعِ الزَّوجِ، وإنما ثبَتَ لها الخِيارُ لأجْلِ ضَررٍ يَلحقُها، لا لتَعذُّرِ ما استَحقَّتْ عليهِ في مُقابَلتِه عِوضًا، فافتَرَقا.

الفَصلُ الثَّاني: أنَّ الفَسخَ إذا كانَ بعْدَ الدُّخولِ فلها المَهرُ؛ لأنَّ المَهرَ يَجبُ بالعَقدِ ويَستقِرُّ بالدُّخولِ، فلا يَسقطُ بحادِثٍ بعْدَه، ولذلكَ لا يَسقطُ برِدَّتِها، ولا بفَسخٍ مِنْ جِهتِها، ويَجبُ المَهرُ المُسمَّى، وذكَرَ القاضي في «المُجَرَّد» فيهِ رِوايتَينِ:

إحداهُما: يَجبُ المُسَمَّى.

<<  <  ج: ص:  >  >>