فصلٌ: والخَلوةُ في النِّكاحِ الفاسِدِ لا يَجبُ بها شيءٌ مِنْ المَهرِ؛ لأنَّ الصَّداقَ لَم يَجبْ بالعَقدِ، وإنما يُوجِبُه الوَطءُ، ولَم يُوجَدْ، ولذلكَ لا يَتنصَّفُ بالطَّلاقِ قبْلَ الدُّخولِ، فأشبَهَ ذلكَ الخَلوةَ بالأجنبيَّةِ.
وقد رُوِيَ عن أحمَدَ ما يَدُلُّ على أنَّ الخَلوةَ فيهِ كالخَلوةِ في الصَّحيحِ؛ لأنَّ الابتِداءَ بالخَلوةِ فيهِ كالابتِداءِ بذلكَ في النِّكاحِ الصَّحيحِ، فيَتقرَّرُ بهِ المَهرُ كالصَّحيحِ، والأُولَى أَولَى (١).
وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ وأحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الخَلوةَ لا تُوجِبُ كَمالَ المَهرِ، فإذا خَلا بزَوجتِه ولَم يُجامِعْها ثمَّ طَلَّقَها ولَم تَدَّعِ أنهُ وَطئَها وجَبَ نِصفُ المَهرِ فقطْ، ولا يَجبُ عليها العدَّةُ، وسواءٌ استَمتعَ بها بمُعانَقةٍ أو تَقبيلٍ أم لا؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، فأخبَرَ تعالَى أنها تَستحقُّ بالطَّلاقِ قبْلَ المَسِيسِ نِصفَ ما فُرِضَ لها، وأوجَبَ العدَّةَ بالمَسيسِ، ولا تُعرَفُ الخَلوةُ دونَ وَطءٍ مَسيسًا.