للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّاني: أنَّ المَسيسَ كِنايةٌ لِمَا يُستقبَحُ صَريحُه، وليسَتِ الخَلوةُ مُستقبَحةَ التَّصريحِ فيُكنَّى عنها، والوَطءُ مُستقبَحٌ فكُنِّيَ بالمَسيسِ عنه.

والثَّالثُ: أنَّ المَسيسَ لا يَتعلَّقُ بهِ على المَذهبَينِ كَمالُ المَهرِ؛ لأنهُ لو خَلا بها مِنْ غَيرِ مَسيسٍ كَملَ عِندَهمُ المَهرُ، ولو وَطئَها مِنْ غَيرِ خَلوةٍ كَملَ عليهِ المَهرُ، ولو مَسَّها مِنْ غَيرِ خَلوةٍ ولا وَطءٍ لم يَكمُلِ المَهرُ، فكانَ حَمْلُ المَسيسِ على الوطءِ الَّذي يَتعلَّقُ بهِ الحُكمُ أَولَى مِنْ حَملِه على غيرِه، وإذا كانَ كذلكَ فقَدْ جعلَ الطَّلاقَ قبْلَ المَسيسِ الَّذي هوَ الوَطءُ مُوجِبًا لاستِحقاقِ نِصفِ المهرِ.

ومِن طَريقِ القِياسِ: أنهُ طلاقٌ قبْلَ الإصابةِ، فوجَبَ أنْ لا يَكمُلَ بهِ المهرُ كالطَّلاقِ قبْلَ الخَلوةِ، ولأنها خَلوةٌ خَلَتْ عن الإصابةِ، فوجَبَ أنْ لا يَكمُلَ بها المَهرُ، كالخَلوةِ إذا كانَ أحدُهُما مُحرِمًا أو صائِمًا فَرضًا، ولأنَّ ما لا يُوجِبُ الغُسلَ لا يُوجِبُ كَمالَ المهرِ، كالقُبلةِ مِنْ غيرِ خَلوةٍ، ولأنَّ الخَلوةَ لمَّا لم يَقُمْ في حَقِّها مَقامُ الإصابةِ لم يَقُمْ في حَقِّه مَقامُ الإصابةِ كالنَّظرِ، وبَيانُ ذلكَ أنهُ لو خَلا بها لم يَسقُطْ بها حقُّ الإيلاءِ والعُنَّةِ، ولأنَّ ما لا يَثبتُ بهِ حقُّ التَّسليمِ في أحدِ جَنْبِي العَقدِ لم يَثبتُ بهِ حقُّ التَّسليمِ في الجَنَبةِ الأُخرَى، قياسًا على تَسليمِ المَبيعِ والمُؤاجَرِ إذا كانَ دونَ قَبضِهما حائلٌ، ولأنَّ للوَطءِ أحكامًا تَختَصُّ بهِ، مِنْ وُجوبِ الحَدِّ والغُسلِ وثُبوتِ الإحصانِ والإحلالِ للزَّوجِ الأولِ وسُقوطِ العُنَّةِ وحُكمِ الإيلاءِ وإفسادِ العِبادةِ ووُجوبِ الكفَّارةِ واستِحقاقِ المَهرِ في النِّكاحِ الفاسِدِ وكَمالِه في

<<  <  ج: ص:  >  >>