غَيرِ حِجابٍ؛ لأنَّ الإنسانَ يَنقبِضُ عنِ الوَطءِ في مِثلِه؛ لاحتِمالِ أنْ يَحصلَ هُناكَ ثالثٌ أو يَنظُرَ إليهِ أحدٌ، مَعلومٌ ذلكَ بالعادةِ.
ولو خَلا بها في حَجَلَةٍ أو قُبَّةٍ فأرخَى السِّتْرَ عليهِ فهو خَلوةٌ صَحيحةٌ؛ لأنَّ ذلكَ في مَعنى البَيتِ.
ولا خَلوةَ في النِّكاحِ الفاسِدِ؛ لأنَّ الوَطءَ فيهِ حَرامٌ، فكانَ المانِعُ الشَّرعيُّ قائِمًا، ولأنَّ الخَلوةَ مِمَّا يَتأكَّدُ بهِ المَهرُ، وتأكُّدُه بعْدَ وُجوبِه يكونُ، ولا يَجبُ بالنِّكاحِ الفاسِدِ شيءٌ، فلا يُتصوَّرُ التَّأكدُ.
ثمَّ في كلِّ مَوضِعٍ صَحَّتِ الخَلوةُ وتأكَّدُ المَهرُ وَجبَتِ العدَّةُ؛ لأنَّ الخَلوةَ الصَّحيحةَ لمَّا أوجَبَتْ كَمالَ المَهرِ فلَأنْ تُوجِبَ العدَّةَ أَولَى؛ لأنَّ المَهرَ خالِصُ حَقِّ العَبدِ، وفي العدَّةِ حَقُّ اللهِ تعالَى، فيُحْتاطُ فيها، وفي كُلِّ مَوضِعٍ فَسدَتْ فيه الخَلوةُ لا يَجبُ كَمالُ المَهرِ، وهلْ تَجبُ العدَّةُ؟ يُنظَرُ في ذلكَ:
إنْ كانَ الفَسادُ لمانِعٍ حَقيقيٍّ لا تَجبُ؛ لأنهُ لا يُتصوَّرُ الوَطءُ مَع وُجودِ المانِعِ الحَقيقيِّ منهُ.
وإنْ كانَ المانِعُ شَرعيًّا أو طَبْعيًّا تَجبُ؛ لأنَّ الوَطءَ معَ وُجودِ هذا النَّوعِ مِنْ المانعِ مُمكِنٌ، فيُتَّهمانِ في الوطءِ، فتَجبُ العدَّةُ عِنْدَ الطَّلاقِ احتِياطًا (١).
(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٩١، ٢٩٤)، و «الاختيار» (٣/ ١٢٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٢١، ٣٢٣)، و «اللباب» (٢/ ٣٨، ٣٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute