للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنِّفاسُ يَمنَعانِ مِنهُ طَبعًا أيضًا؛ لأنهُما أذًى، والطَّبعُ السَّليمُ يَنفرُ عنِ استِعمالِ الأذَى.

وأمَّا المانِعُ الطَّبعيُّ فهوَ:

أنْ يكونَ مَعَهما ثالِثٌ؛ لأنَّ الإنسانَ يَكرَهُ أنْ يُجامِعَ امرَأتَه بحَضرةِ ثالِثٍ، ويَستَحي فيَنقبِضُ عَنْ الوَطءِ بمَشهَدٍ منهُ، وسواءٌ كانَ الثَّالثُ بصيرًا أو أعمَى، يَقظانَ أو نائِمًا، بالِغًا أو صَبيًّا بعْدَ أنْ كانَ عاقِلًا، رَجلًا أو امرأةً أجنبيَّةً أو مَنكوحَتَه؛ لأنَّ الأعمَى إنْ كانَ لا يُبصِرُ فيُحِسُّ، والنَّائِمُ يُحتمَلُ أنْ يَستيقِظَ ساعةً فساعةً، فيَنقبِضُ الإنسانُ عَنْ الوَطءِ معَ حُضورِه، والصَّبيُّ العاقِلُ بمَنزِلةِ الرَّجلِ، يَحتشِمُ الإنسانُ منهُ كما يَحتشِمُ مِنْ الرَّجلِ، وإذا لم يكنْ عاقِلًا فهوَ مُلحَقٌ بالبَهائِمِ لا يَمتنِعُ الإنسانُ عنِ الوَطءِ لمَكانِه ولا يَلتفِتُ إليهِ، والإنسانُ يَحتشِمُ مِنْ المرأةِ الأجنَبيَّةِ ويَستَحي، وكذا لا يَحلُّ لها النَّظرُ إليهما فيَنقبِضانِ لمَكانِها، وإذا كانَ هُناكَ مَنكوحةٌ لهُ أُخرَى أو تَزوَّجَ امرَأتَينِ فخَلا بهِما فلا يَحلُّ لها النَّظرُ إليهما فيَنقبِضُ عنها، وقد قالُوا: إنه لا يَحلُّ لرَجلٍ أنْ يُجامِعَ امرَأتَه بمَشهَدِ امرأةٍ أُخرَى.

ولا خَلوةَ في المَسجِدِ والطَّريقِ والصَّحراءِ وعلى سَطحٍ لا حِجابَ عليهِ؛ لأنَّ المَسجِدَ يَجمَعُ النَّاسَ للصَّلاةِ ولا يُؤمَنُ مِنْ الدُّخولِ عليهِ ساعةً فساعةً، وكذا الوَطءُ في المَسجِدِ حَرامٌ، قالَ اللهُ ﷿: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧]، والطَّريقُ مَمَرُّ النَّاسِ لا تَخلُو عَنهم عادةً، وذلكَ يُوجِبُ الانقِباضَ فيَمنعُ الوطءَ، وكذا الصَّحراءُ والسَّطحُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>