للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتَّبجيلِ، وكانَ يَحيى أكبَرَ منه بنَحوِ سَبعِ سِنينَ، وكانَ إذا دخَلَ من المَسجدِ إلى البَيتِ يَضربُ برِجلِه قبلَ أنْ يَدخلَ الدارَ حتى يُسمعَ ضَربُ نَعلِه لدُخولِه الدارَ، وربَّما تنَحنَحَ؛ ليَعلمَ من في الدارِ بدُخولِه (١).

ورَوى أبو نُعَيمٍ بسَندِه عن العَباسِ بنِ مُحمدٍ الدُّوريِّ، قالَ: حَدَّثني عليُّ بنُ أبي مُرارةَ، جارٌ لنا، قالَ: كانَت أُمِّي مُقعَدةً نَحوَ عِشرينَ سَنةً، فقالَت لي يَومًا: اذهَبْ إلى أَحمدَ بنِ حَنبلٍ، فاسألْه أنْ يَدعوَ لي، فسِرتُ إليه، فدَقَقتُ عليه البابَ وهو في دِهليزِه، فلم يَفتحْ لي، وقالَ: مَنْ هذا؟ فقُلتُ: أنا من أهلِ ذاك الجانِبِ، سألَتْني أُمِّي وهي زَمِنةٌ مُقعَدةٌ أنْ أَسألَك أنْ تَدعوَ اللهَ لها، فسمِعتُ كَلامَه كَلامَ رَجلٍ مُغضَبٍ، فقالَ: نحن أَحوجُ إلى أنْ تَدعوَ اللهَ لنا، فوَلَّيتُ مُنصرِفًا، فخرَجَت امرأةٌ عَجوزٌ من دارِه فقالَت: أنت الذي كلَّمتَ أبا عبدِ اللهِ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قالَت: قد تَركتُه يَدعو اللهَ لها، قالَ: فجِئتُ من فَوري إلى البَيتِ، فدَقَقتُ البابَ فخرَجَت أُمِّي على رِجلَيْها تَمشي حتى فتَحَت البابَ، فقالَت: قد وهَبَ اللهُ ليَ العافيةَ (٢).

وعن الحُسينِ بنِ إِسماعيلَ قالَ: سمِعتُ أبي يَقولُ: كانَ يَجتمِعُ في مَجلسِ أَحمدَ زُهاءُ خَمسةِ آلافٍ أو يَزيدونَ، أقَلُّ من خَمسِمِئةٍ يَكتُبونَ، والباقونَ يَتعلَّمونَ من حُسنِ الأدَبِ، وحُسنِ السَّمتِ (٣).


(١) «المنهج الأحمد» (١/ ٢٧)، وذكره الذهبي في «السير» (١١/ ٣١٨) بنَحوه.
(٢) «حلية الأولياء» (٩/ ١٨٦، ١٨٧).
(٣) «المنهج الأحمد» (١/ ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>