للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ فسادَ المهرِ لا يُوجِبُ فسادَ العقدِ كالمهرِ المَغصوبِ، ولأنَّ كلَّ نكاحٍ صحَّ بالمَهرِ الصحيحِ صحَّ بالمهرِ الفاسدِ، كما لو أصدَقَها عَبدًا فبانَ حرًّا.

ولأنه ليسَ في فسادِ المهرِ أكثرُ مِنْ سقوطِه، وليسَ في سُقوطِه أكثرُ مِنْ فَقدِ ذِكرِه، ولو فُقدَ ذِكرُه لم يَبطلِ النكاحُ، فكذلكَ إذا ذُكرَ فاسدًا.

وعلى هذا إذا دخَلَ بها أو ماتَ عنها وجَبَ لها مهرُ المثلِ بالِغًا ما بلغَ عندَ عامَّةِ العُلماءِ؛ لأنَّ البُضعَ مفوتٌ بالعقدِ، فلمْ تَقدرْ على استِرجاعِه، فوجَبَ أنْ تعدلَ إلى قيمتِه وهي مهرُ المثلِ؛ لأنها دخَلَتْ في العقدِ على أنْ يكونَ لها المسمَّى، فإذا لم يُسَمّ وتعذَّرَ رجوعُها إلى بضعِها رجَعَتْ إلى قيمتِه، كمَن اشتَرى عبدًا بثوبٍ فماتَ في يدِه وردَّ بائعُه الثوبَ بعَيبٍ رجَعَ بقيمةِ العبدِ حينَ فاتَ الرجوعُ بعينِه.

ولأنَّ العوضَ الأصليَّ في هذا الباب هو مهرُ المثلِ؛ لأنه قيمةُ البضعِ، وإنما يُعدَلُ عنه إلى المسمَّى إذا صحَّتِ التسميةُ، وكانَتِ التسميةُ تَقديرًا لتلكَ القيمةِ، فإذا لم تَصحَّ التسميةُ أو تزلزَلَتْ لم يَصحَّ التقديرُ، فإذا لم يَصحَّ التقديرُ فوجَبَ المَصيرُ إلى الفرضِ الأصليِّ؛ ولهذا كانَ المبيعُ بيعًا فاسدًا مَضمونًا بالقيمةِ في ذواتِ القِيَمِ لا بالثمنِ، كذا هذا.

وإنْ طلَّقَها قبلَ الدخولِ وجَبَ لها أيضًا نصفُ مهرِ المثلِ عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ في المَذهبِ، وعندَ الحَنفيةِ يَجبُ لها المتعةُ.

قالَ الإمامُ ابنُ قدامةَ : وإنْ طلَّقَ قبلَ الدخولِ فلها نصفُ مهرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>