للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النكاحِ آكَدُ، بدليلِ أنه يجبُ لحَقِّ اللهِ تعالى، فكانَ فسادُ العقدِ بفساده أَولى منه في سائرِ العقودِ.

فإنِ اطُّلِعَ على ذلكَ قبلَ الدخولِ فُسخَ النكاحُ ولا شيءَ لها، وإنِ اطُّلعَ على ذلك بعدَ البناءِ فلها صَداقُ المثلِ.

وقيلَ: يَمضي مُطلَقًا، وقيلَ: يُفسخُ مُطلقًا، ولا شَكَّ أنَّ الفسخَ هنا بطَلاقٍ؛ للخلافِ المذكورِ، ولا شيءَ على الزوجِ فيما هلكَ مِنْ ذلك (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في قولٍ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المهرَ إذا فسَدَ بأنْ عُقِدَ النكاحُ على مهرٍ باطلٍ كالخمرِ أو الخنزيرِ أو مَجهولٍ لم يَبطلِ النكاحُ؛ لحَديثِ ابنِ عباسٍ مَرفوعًا: «لا نِكاحَ إلا بوَليٍّ مُرشِدٍ وشاهِدَي عَدلٍ» (٢)، فتَضمَّنَ هذا الخبَرُ نفيَ النكاحِ بعَدمِ الوليِّ والشاهدَينِ، وإثباتَ النكاحِ بوُجودِ الولي والشاهدَين، وهذا نكاحٌ بوليٍّ وشاهدَينِ، فوجَبَ أنْ يكونَ صَحيحًا؛ لأنه لم يفصِّلْ بينَ أنْ يكونَ المهرُ صَحيحًا أو فاسدًا.


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٥٠، ٣٥١)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢١)، و «مواهب الجليل» (٥/ ١٨٦)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٦٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ١٤٥)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٠)، و «الإفصاح» (٢/ ١٥٢).
(٢) صَحيحٌ مَوقوفٌ على ابنِ عباسٍ: رواه البيهقي (١٣٤٢٨)، والبغوي في «شرح السنة» (٢٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>