وجهُ قولِ زفرَ: أنَّ كلَّ واحدٍ مِنْ الشرطَين يُخالِفُ الآخرَ، فأوجَبَ ذلكَ جهالةً، فلم تَصحَّ التسميةُ.
وجهُ قولِ أبي يُوسفَ ومُحمدٍ: أنَّ المسمَّى معلومٌ في الشرطِ الثاني كمَا هوَ معلومٌ في الشرطِ الأولِ، فتصحُّ التسميتانِ، كمَا إذا قالَ للخيَّاطِ: «إنْ خيَّطتَه رُوميًّا فبِدرهمٍ، وإنْ خيَّطتَه فارسيًّا فبِنصفِ درهمٍ».
ولأبي حنيفةَ: أنَّ الشرطَ الأولَ وقعَ صحيحًا بالإجماعِ ومُوجَبُه ردُّ مهرِ المثلِ إنْ لم يَقعِ الوفاءُ به، فكانَت التسميةُ الأُولَى صحيحةً، فلو صحَّ الشرطُ الثاني لَكانَ نافيًا مُوجَبَ الشرطِ الأولِ، والتسميةُ الأُولى والتسميةُ بعدما صحَّتْ لا يجوزُ نفيُ موجَبِها، فبطَلَ الشرطُ الثاني ضرورةً (١).
وقالَ المالِكيةُ: إذا تزوَّجَها بشَورةِ بيتٍ -أي مَتاعِ البيتِ- بأنْ يقولَ: «أتزوَّجُها وأجعَلُ صداقَها جهازِها»، أو تزوَّجها على عَددٍ مَحصورٍ مِنْ إبلٍ أو غنمٍ أو رَقيقٍ أو نحوِ ذلكَ، أو تزوَّجها على صَداقِ المثلِ صَحَّ ولها الوسطُ مِنْ كلِّ ذلكَ، أي لها الوسطُ مِنْ الإبلِ والرقيقِ والغَنمِ ونحوِها، وكذلكَ يجبُ لها الوسطُ مِنْ صداقِ مثلِها إنْ اختَلفَ عندَ الناسِ، وكذا الوسطُ مِنْ الشَّورةِ، فإنْ كانَت حضَريةً فلها الوسطُ مِنْ شَورةِ مثلِها في الحاضرةِ، أو بدَويةً فالوسطُ مِنْ أهلِ الباديةِ، ويكونُ ذلكَ كلُّه حالًّا، ففي
(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٨٢، ٢٨٥)، و «الهداية» (١/ ٢٠٨، ٢٠٩)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٣٥٤، ٣٥٦)، و «الاختيار» (٣/ ١٣٢، ١٣٣)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ١٤٨، ١٥٠)، و «العناية» (٥/ ٨، ١١)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٣٤، ٣٣٦).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute