والحيوانُ الذي هو معلومُ الجنسِ والنوعِ مجهولُ الصفةِ يجوزُ أنْ يَثبتَ دَينًا في الذمةِ بَدلًا عمَّا ليسَ بمالٍ كما في الذمَّةِ، قالَ النبيُّ ﷺ:«في النفسِ المُؤمنةِ مِائةٌ مِنَ الإبِلِ»، والبُضعُ ليسَ بمالٍ، فجازَ أنْ يَثبتَ الحيَوانُ دَينًا في الذمةِ بَدلًا عنه، ولأنَّ جَهالةَ الوسطِ مِنْ هذه الأصنافِ مثلُ جَهالةِ مهرِ المثلِ أو أقلُّ، فتلكَ الجهالةُ لمَّا لم تمنَعْ صحةَ تَسميةِ البدلِ فكذا هذه، إلا أنه لا تَصحُّ تسميتُه ثمنًا في البيع؛ لأنَّ البيعَ لا يَحتملُ جهالةَ البدلِ أصلًا، قلَّت أو كثرَتْ، والنكاحُ يَحتملُ الجهالةَ اليسيرةَ مثلَ جهالةِ مهرِ المثلِ، وإنما كانَ كذلكَ؛ لأنَّ مبنَى البيعِ على المُضايقةِ والمُماكَسةِ فالجهالةُ فيه وإنْ قلَّتْ تُفضي إلى المُنازعةِ، ومبنى النكاحِ على المُسامحةِ والمُروءةِ، فجهالةُ مهرِ المثلِ فيه لا تُفضي إلى المنازعةِ، فهوَ الفرقُ.
وأما وجوبُ الوسطِ فلأنَّ الوسطَ هو العدلُ؛ لِمَا فيه مِنْ مُراعاةِ الجانبَين؛ لأنَّ الزوجَ يتضررُ بإيجابِ الجيِّدِ والمرأةَ تتضررُ بإيجابِ الرديءِ، فكانَ العدلُ في إيجابِ الوسطِ، وهذا معنَى قولِ النبيِّ ﷺ:«خيرُ الأمورِ أَوْسَاطها».
ولو تزوَّجَها على مَكيلٍ أو مَوزونٍ ولم يَصِفْ صحَّتِ التسميةُ؛ لأنه مالٌ معلومُ الجنسِ والنوعِ، فتَصحُّ تسميتُه، فإنْ شاءَ الزوجُ أعطاها الوسطَ مِنْ ذلكَ، وإنْ شاءَ أعطاها قيمتَه، كذا ذَكَرَ الكَرخيُّ في «جامِعِه»، وذكَرَ الحسَنُ عن أبي حنيفةَ أنه يُجبَرُ على تسليمِ الوسطِ.
ولو قالَ:«تزوَّجْتُكِ على هذا العبدِ، أو على ألفٍ، أو على ألفَينِ»