للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَختلفُ في الصِّغَر والكِبَرِ والهيئةِ والتقطيعِ، وتَختلفُ قيمتُها باختلافِ البلادِ والمَحَالِّ والسككِ اختلافًا فاحشًا، فتفاحشَتِ الجَهالةُ فالتحقَتْ بجهالةِ الجنسِ.

والأصلُ: أنَّ جَهالةَ العوضِ تَمنعُ صحةَ تَسميتِه كما في البيعِ والإجارةِ؛ لكونِها مُفضِيةً إلى المُنازَعةِ، إلا أنه يُتحمَّلُ ضربٌ مِنْ الجَهالة في المهرِ بالإجماعِ، فإنَّ مهرَ المثلِ قد يَجبُ في النكاحِ الصحيحِ، ومَعلومٌ أنَّ مهرَ المثلِ مجهولٌ ضَربًا مِنْ الجَهالةِ، فكلُّ جَهالةٍ في المسمَّى مَهرًا مثلَ جَهالةِ مهرِ المثلِ أو أقلَّ مِنْ ذلكَ يُتحمَّلُ، ولا يَمنعُ صحةَ التسميةِ؛ استدلالًا بمهرِ المثلِ، وكلُّ جهالةٍ تَزيدُ على جَهالةِ مهرِ المثلِ يَبقى الأمرُ فيها على الأصلِ، فيَمنعُ صحةَ التسميةِ كما في سائرِ الأعواضِ.

إذا ثَبتَ هذا فنقولُ: لا شَكَّ أنَّ جَهالةَ الحيَوانِ والدابةِ والثَّوبِ والدارِ أكثرُ مِنْ جهالةِ مهرِ المثلِ؛ لأنَّ بعدَ اعتبارِ تَساوي المرأتَين في المالِ والجمالِ والسنِّ والعقلِ والدِّينِ والبلدِ والعِفةِ يَقلُّ التفاوتُ بينَهما فتَقلُّ الجَهالةُ، فأما جَهالةُ الجنسِ والنوعِ فجهالةٌ مُتفاحشةٌ، فكانَت أكثرَ جهالةً مِنْ مهرِ المثلِ، فتَمنعُ صحةَ التسميةِ.

وإنْ كانَ المسمَّى معلومَ الجنسِ والنوعِ مَجهولَ الصفةِ والقدرِ كما إذا تزوَّجَها على عبدٍ أو أَمَةٍ أو فَرسٍ أو جَملٍ أو حِمارٍ أو ثَوبٍ مَرْويٍّ أو هَرَوِيٍّ صحَّتِ التسميةُ ولها الوسطُ مِنْ ذلكَ، وللزوجِ الخيارُ، إنْ شاءَ أعطاها الوسطَ وإنْ شاءَ أعطاها قيمتَه؛ لأنَّ النكاحَ مُعاوضةُ المالِ بما ليسَ بمالٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>