للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمَصلحةٍ كعُسر الزوجِ، وإذا دخَلَ بها فليسَ له أنْ يعفوَ عن شيءٍ مِنْ صداقِها اتفاقًا؛ لأنها لمَّا صارت ثيِّباً صارَ الكلامُ لها.

والدليلُ عليه مِنْ الآيةِ دَلائلُ:

أحدُها: أنه افتَتحَها بخِطابِ الأزواجِ مُواجَهةً ثمَّ عدَلَ بقولِ: ﴿إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ﴾ [البقرة: ٢٣٧] إلى خِطابِ الزوجاتِ كنايةً، ثم أرسَلَ قولَه: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧] خِطابًا لمَكْنِيٍّ عنه غيرِ مُواجَهٍ، والخِطابُ إذا عُدِلَ به عن المُواجَهةِ إلى الكِنايةِ اقتَضى ظاهرُه أنْ يَتوجهَ إلى غيرِ المواجَهِ، والزوجُ مواجَهٌ فلم تَعُدْ إليه الكِنايةُ، والزوجةُ قد تقدَّمَ حُكمُها، ولَفظُ الكنايةِ مُذكَّرٌ، فلم يَجزْ أنْ يَعودَ إليها، فلم يَبْقَ مَنْ يَتوجهُ الخِطابُ إليه غيرُ الوليِّ.

والدليلُ الثاني مِنْ الآيةِ قولُه: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، وليسَ أحدٌ بعدَ الطلاقِ بيَدِه عقدةُ النكاحِ إلا الوليَّ؛ لأنه يَملكُ أنْ يزوجَه، فاقتَضى أنْ يَتوجَّهَ الخِطابُ إليه ولا يَتوجهَ إلى الزوجِ الذي ليسَ العقدُ إليه، لِيكونَ الخِطابُ مَحمولًا على الحقيقةِ مِنْ غيرِ إضمارٍ، ولا يُحمَلُ على مَجازٍ وإضمارٍ.

والدليلُ الثالثُ مِنَ الآية: أنَّ الذي يَختصُّ به الوليُّ مِنَ النكاحِ أنْ يَملكَ عقْدَه، والذي يَختصُّ به الزوجُ أنْ يَملكَ الاستمتاعَ بعدَه، فكانَ حَملُ الذي بيده عقدةُ النكاحِ على الوليِّ الذي يَملكُ عقدَه أَولى مِنْ حَملِه على الزوجِ الذي يَملكُ الاستمتاعَ بعدَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>