للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا لمَّا كانَ اللفظُ مُحتمِلًا للمعاني وجَبَ حَملُه على مُوافَقةِ الأصولِ، ولا خلافَ أنه غيرُ جائزٍ للأبِ هِبةُ شيءٍ مِنْ مالِها للزوجِ ولا لغيرِه، فكذلكَ المهرُ لأنه مالُها، وقولُ مَنْ حمَلَه على الوليِّ خارجٌ عن الأصولِ؛ لأنَّ أحَدًا لا يَستحقُّ الولايةَ على غيرِه في هبةِ مالِهِ، فلمَّا كانَ قولُ القائِلِينَ بذلك مُخالِفًا للأصولِ خارِجًا عنها وجَبَ حَملُ معنَى الآيةِ على مُوافَقتِها؛ إذْ ليسَ ذلكَ أصلًا بنفسِه؛ لاحتمالِه للمَعاني، وما ليسَ بأصلٍ في نفسِه فالواجبُ ردُّه إلى غيرِه مِنَ الأصولِ واعتبارُه بها.

وأيضًا فلو كانَ المَعنَيانِ جَميعًا في حيِّزِ الاحتمالِ ووُجِدَ نظائرُهما في الأصولِ لَكانَ في مُقتضى اللفظِ ما يُوجِبُ أنْ يكونَ الزوجُ أَولى بظاهرِ اللفظِ مِنْ الوليِّ، وذلكَ لأنَّ قولَه تعالَى: ﴿أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧] لا يَجوزُ أنْ يَتناولَ الوليَّ بحالٍ لا حقيقةً ولا مَجازًا؛ لأنَّ قولَه تعالَى: ﴿الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ يَقتضي أنْ تكونَ العقدةُ مَوجودةً وهي في يَدِ مَنْ هي في يدِه، فأما عُقدةٌ غيرُ موجودةٍ فغيرُ جائزٍ إطلاقُ اللفظِ عليها بأنها في يَدِ أحدٍ، فلمَّا لم تَكنْ هناك عقدةٌ موجودةٌ في يدِ الوليِّ قبلَ العقدِ ولا بعدَه وقد كانَتِ العقدةُ في يدِ الزوجِ قبلَ الطلاقِ، فقدْ تَناولَه اللفظُ بحالٍ، فوجَبَ أنْ يكونَ حَملُه على الزوجِ أَولى منه على الوليِّ.

فإنْ قيلَ: إنما حكَمَ اللهُ بذلكَ بعدَ الطلاقِ، وليسَتْ عقدةُ النكاحِ بيدِ الزوجِ بعدَ الطلاقِ.

قيلَ له: يحَتملُ اللفظُ بأنْ يُريدَ الذي كانَ بيدِه عقدةُ النكاحِ، والوليُّ لم

<<  <  ج: ص:  >  >>