للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكافرٍ غيرِ مرتدٍّ، والمرتدُّ مثلُه؛ لأنه ترَكَ ملَّة الإسلامِ، ولا يُقَرُّ على الردةِ، بل يُجبَرُ على الإسلامِ إما بالقتلِ إنْ كانَ رجلًا بالإجماعِ، وإما بالحَبسِ والضَّربِ إنْ كانَتِ امرأةً عندَنا إلى أنْ تَموتَ أو تُسلِمَ، فكانتِ الردةُ في معنَى الموتِ؛ لكَونِها سَببًا مُفضِيًا إليه، والميتُ لا يكون مَحلًّا للنكاحِ، ولأنَّ مِلكَ النكاحِ مِلْكٌ مَعصومٌ، ولا عِصمةَ مع المُرتدةِ، ولأنَّ نكاحَ المُرتدِّ لا يَقعُ وسيلةً إلى المَقاصدِ المَطلوبةِ منه؛ لأنه يُجبَرُ على الإسلام على ما بيَّنَّا، فلا يُفيدُ فائدتَه فلا يَجوزُ، والدليلُ عليه أنَّ الردةَ لو اعتَرضَتْ على النكاحِ رفَعَتْه، فإذا قارنَتْه تمنَعُه مِنَ الوُجودِ مِنْ طريقِ الأَولى كالرضاعِ؛ لأنَّ المنعَ أسهلُ مِنْ الرفعِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: لا يجوزُ نكاحُ المُرتدِّ ولا المُرتدةِ؛ لأنَّ كلَّ معنًى إذا طرَأَ على النكاحِ أوجَبَ فسْخَه فإذا وُجدَ في الابتداءِ منَعَ العقدَ، أصلُه المِلكُ والرضاعُ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: لا يَحلُّ لأحدٍ نكاحُ المُرتدةِ، لا مِنْ المسلمِينَ؛ لأنها كافرةٌ لا تُقَرُّ كالوثنيةِ، ولا مِنْ الكفَّارِ؛ لبقاءِ عَلقَةِ الإسلامِ فيها، ولا مِنَ المُرتدينَ؛ لأنَّ القصدَ مِنَ النكاحِ الدوامُ، وهي ليسَتْ مُبقاةً (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٧٠).
(٢) «الجامع لمسائل المدونة» (٩/ ٣٩٦).
(٣) «الأم» (٥/ ٥٧)، و «أسنى المطالب» (٣/ ١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>