للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُويَ أنَّ رَجلًا قالَ: «يا رسولَ الله إنَّ امرأتي ولَدَتْ غُلامًا أسودًا، فقالَ النبيُّ : لعَلَّ عِرقًا نَزَعَه»، فكانَ ذلكَ منه كنايةً عن زِناها بأسوَدَ، فلمْ يُحرِّمْها عليهِ، ولأنَّ العَجلانِيَّ أخبَرَ رسولَ الله أنه وَجَدَ مع امرأتِه رَجلًا فلاعَنَ بينَهما ولم يَجعلْها بالزنا حرامًا، ورُويَ أنَّ النبيَّ قالَ: «لا تَزْنُوا فتَزنِيَ نساؤُكم، فإنَّ بنِي فُلانٍ زَنَوا فزَنَتْ نِساؤُهم» (١)، فدَلَّ هذا على بَقائِهم مع الأزواجِ بعدَ الزنا، فأمَّا تَحريمُ اجتماعِ الماءَينِ في فرجٍ فنحنُ على تَحريمِهما، وإذا اجتمَعَا ثبَتَ حُكمُ الحلالِ منهُما وسقَطَ حُكمُ الحرامِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفقوا على أنَّ المرأةَ المُحصَنةَ بالزواجِ إذا زنَتْ لم يَنفسخْ نكاحُها مِنْ زوجِها (٣).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وإنْ زنَتِ امرأةُ رَجلٍ أو زنَى زوجُها لم يُفسخِ النكاحُ، سواءٌ كانَ قبلَ الدخولِ أو بعدَه في قولِ عامةِ أهلِ العِلم، وبذلكَ قالَ مجاهدٌ وعطاءٌ والنخَعيُّ والثوريُّ والشافعيُّ وإسحاقُ وأصحابُ الرأيِ، وعن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ أنَّ المرأةَ إذا زَنَتْ يُفرَّقُ بينَهما وليسَ لها شيءٌ، وكذلكَ رُويَ عن الحسَنِ، وعن عليٍّ أنه فرَّقَ بينَ رجلٍ وامرأتِه زَنَى قبلَ الدخولِ بها، واحتُجَّ لهُم بأنه لو قَذَفَها ولاعَنَها بانَتْ منه؛ لتَحقيقِه الزنى عليها، فدَلَّ على أنَّ الزنا يُبِينُها.


(١) لم أعثُرْ عليهِ بهذا اللَّفظِ.
(٢) «الحاوي الكبير» (٩/ ١٩٠، ١٩١).
(٣) «الإفصاح» (٢/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>