للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : زَوجةُ الرجلِ إذا زَنَتْ هل يَنفسخُ نكاحُها أم لا؟ فمَذهبُ الشافعيِّ وجُمهورِ الفقهاءِ أنَّ النكاحَ صَحيحُ لا ينفسخُ بزناها، وهو قولُ الصحابةِ، إلا حكايةً عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضوانُ اللهِ عليهِ أنَّ نكاحَها قد بَطَلَ، وهو قولُ الحسنِ البَصريِّ؛ لتَحريمِ اجتماعِ الماءَينِ في فَرجٍ.

ودليلُنا مع ما قدَّمْناه مِنْ حَديثِ عائشةَ ما رواهُ أبو الزُّبيرِ عن جابرٍ قالَ: «جاءَ رجلٌ إلى النبيِّ فقالَ: إنَّ امرأتِي لا تَرُدُّ يدَ لامِسٍ، قالَ: طلِّقْها، قالَ: إني أحبُّها، قالَ: استَمتِعْ بها»، فكَنَّى بقولِه: «لا تَردُّ يدَ لامِسٍ» عنِ الزنا فأمَرَه بطَلاقِها، ولو انفَسخَ نكاحُها بالزنا لَمَا احتاجَ إلى طلاقٍ، ثمَّ لمَّا أخبَرَه أنه يُحبُّها أَذِنَ له في الاستمتاعِ بها، ولو حَرُمَتْ عليهِ لَنهاهُ عنِ الاستمتاعِ بها ولَأَعْلمَه تَحريمَها.

فإنْ قيلَ: فالمُرادُ بقولِه: «لا تَردُّ يدَ لامِسٍ» أنها لا تَرُدُّ مُتصدِّقًا طلَبَ منها مالَه.

قيلَ: هذا خَطأٌ مِنْ وجهَين:

أحَدُهما: أنه لو أرادَ هذا لقَالَ: «لا تَردُّ يدَ مُلتمِسٍ»؛ لأنَّ الطالبَ يَكونُ مُلتمِسًا، واللامِسُ يكونُ مباشِرًا، فلمَّا عدَلَ إلى «يدِ لامسٍ» خرَجَ عن هذا التأويلِ.

والثاني: أنها لو كانَتْ تتصدَّقُ بمالِه لَمَا خرَجَ قولُه فيها مَخرَجَ الذمِّ، ولَمَا أمَرَ بطلاقِها، ولأمَرَه بإحرازِ مالِه منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>