سَبِّ الرجلِ قالُوا: «زوجُ قَحبةٍ»، فحرَّمَ اللهُ على المُسلمِ أنْ يكونَ كذلكَ، فظهَرَتْ حِكمةُ التحريمِ وبانَ مَعنى الآيةِ، واللهُ المُوفِّقُ.
وممَّا يُوضِحُ التحريمَ وأنه هو الذي يَليقُ بهذه الشَّريعةِ الكاملةِ: أنَّ هذهِ الجِنايةَ مِنَ المرأةِ تَعودُ بفسادِ فِراشِ الزوجِ وفسادِ النسَبِ الذي جَعَلَه اللهُ تعالَى بينَ الناسِ لتَمامِ مَصالِحِهم، وعَدَّهُ مِنْ جُملةِ نِعَمِه عليهم، فالزِّنا يُفضي إلى اختلاطِ المياهِ واشتباهِ الأنسابِ، فمِن مَحاسنِ الشريعةِ تَحريمُ نكاحِ الزانيةِ حتى تَتوبَ وتُستبْرَأَ.
وأيضًا فإنَّ الزانيةَ خَبيثةٌ كما تقدَّمَ بيانُه، واللهُ سُبحانَه جعَلَ النكاحَ سَببًا للمودَّةِ والرَّحمةِ، والمودة: خالِصُ الحُبِّ، فكيفَ تكونُ الخَبيثةُ مَودودةً للطيِّبِ زوجًا له؟ والزوجُ سُمِّيَ زوجًا مِنْ الازدِواجِ وهوَ الاشتباهُ، فالزَّوجانِ: الاثنانُ المُتشابهانِ، والُمنافَرةُ ثابتةٌ بينَ الطيِّبِ والخَبيثِ شرعًا وقدَرًا، فلا يَحصلُ معها الازدواجُ والتراحمُ والتوادُّ، فلقدْ أحسَنَ كُلَّ الإحسانِ مَنْ ذهَبَ إلى هذا المَذهبِ ومنَعَ الرجلَ أنْ يكونَ زوْجَ قَحْبةٍ.
فأينَ هذا مِنْ قَولِ مَنْ جوَّزَ أنْ يتزوَّجَها ويطَأَها الليلةَ وقد وَطئَها الزاني البارحةَ؟ وقالَ: «ماءُ الزاني لا حُرمةَ له»، فهَبْ أنَّ الأمرَ كذلكَ فماءُ الزوجِ له حُرمةٌ، فكيفَ يَجوزُ اجتماعُه معَ ماءِ الزاني في رَحمٍ واحدٍ؟
والمَقصودُ: أنَّ اللهَ سُبحانَه سَمَّى الزَّواني والزُّناةَ خَبيثِينَ وخَبيثاتٍ، وجنسُ هذا الفعلِ قد شُرعَتْ فيه الطهارةُ وإنْ كانَ حَلالًا، وسُمِّيَ فاعلُه جُنبًا لبُعدِه عن قَراءةِ القرآنِ وعنِ الصلاةِ وعنِ المَساجدِ، فمُنِعَ مِنْ ذلكَ كلِّه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute