للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتزوجَ مُشرِكةً وللمرأةِ الزانيةِ أنْ تتزوجَ مُشرِكًا، ولا خلافَ في أنَّ ذلكَ غيرُ جائزٍ، وأنَّ نكاحَ المشركاتِ وتزويجَ المشركينَ مُحرَّمٌ منسوخٌ، فدَلَّ ذلكَ على أحدِ المعنَيَينِ: إمَّا أنْ يكونَ المرادُ الجِماعَ على ما رُويَ عنِ ابنِ عباسٍ ومَن تابَعَه، أو أنْ يكونَ حكمُ الآيةِ مَنسوخًا على ما رُويَ عن سعيدِ بنِ المُسيبِ …

ومِنَ الناسِ مَنْ يَقولُ: إنَّ تَزويجَ الزانيةِ وإمساكَها على النكاحِ مَحظورٌ مَنهيٌّ عنه ما دامَتْ مُقيمةً على الزنا وإنْ لم يُؤثِّرْ ذلكَ في إفسادِ النكاحِ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى إنما أباحَ نكاحَ المُحصناتِ مِنَ المؤمناتِ ومِن أهلِ الكتابِ بقولِه: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [المائدة: ٥]، يعني العَفائفَ منهنَّ، ولأنها إذا كانت كذلكَ لا يُؤمَنُ أنْ تأتيَ بولدٍ مِنَ الزنِا فتَلحقَه بهِ وتورثَه مالَه، وإنما يُحملُ قولُ مَنْ رخَّصَ في ذلكَ على أنها تائبةٌ غيرُ مُقيمةٍ على الزنا، ومِنَ الدليلِ على أنَّ زِناها لا يُوجبُ الفرقةَ أنَّ اللهَ تعالَى حَكَمَ في القاذفِ لزوجتِه باللعانِ ثم بالتفريقِ بينَهما، فلو كانَ وجودُ الزنا منها يُوجبُ الفرقةَ لَوجَبَ إيقاعُ الفرقةِ بقذفِه إياها؛ لاعتِرافِه بما يُوجبُ الفرقةَ، ألَا ترى أنه لو أقَرَّ أنها أختُه مِنَ الرضاعةِ أو أنَّ أباهُ قد كانَ وَطئَها لَوقعَتِ الفرقةُ بهذا القولِ.

فإنْ قيلَ: لمَّا حَكَمَ اللهُ تعالى بإيقاعِ الفرقةِ بعدَ اللعانِ دَلَّ ذلكَ على أنَّ الزنا يُوجِبُ التحريمَ، لولا ذلكَ لَمَا وجَبَتِ الفرقةُ باللعانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>