الصُّغرى على الكُبرى ولا الكُبرى على الصُّغرى»، وهذانِ الحَديثانِ نَصٌّ، والثاني أكمَلُ، وهُمَا وإنْ كانَا خبَرَي واحدٍ فقدْ تلقَّتْه الأمَّةُ بالقبولِ وعَمِلَ به الجُمهورُ، فصارَ بأخبارِ التواترِ أشبَهَ، فلَزمَ الخَوارجَ العَملُ به وإنْ لم يَلتزموا أخبارَ الآحادِ.
ولأنَّ الأختَين يَحرمُ الجمعُ بينَهما؛ لأنَّ إحداهما لو كانَ رجلًا حَرُمَ عليه نكاحُ أختِه، كذلكَ المرأةُ وخالتُها وعمَّتُها يَحرمُ الجمعُ بينَهما؛ لأنه لو كانَ إحداهما رَجلًا حَرُمَ عليه نكاحُ عمَّتِه وخالتِه (١).
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: مسألةٌ قالَ: (والجَمعُ بينَ المرأةِ وبينَ عمَّتِها وبينَها وبينَ خالتِها).
قالَ ابنُ المُنذرِ: أجمَعَ أهلُ العلمِ على القولِ بهِ، وليسَ فيه بحَمدِ اللهِ اختلافٌ، إلا أنَّ بعضَ أهلِ البِدَعِ ممَّن لا تُعَدُّ مُخالَفتُه خِلافًا -وهُم الرافِضةُ والخوارجُ- لم يُحرِّموا ذلكَ ولم يَقولوا بالسُّنةِ الثابتةِ عن رَسولِ اللهِ ﷺ …
ولأنَّ العلَّةَ في تحريمِ الجَمعِ بينَ الأختَينِ إيقاعُ العَداوةِ بينَ الأقاربِ وإفضاؤُه إلى قطيعةِ الرحمِ المُحرَّمِ، وهذا مَوجودٌ فيما ذَكَرْنا، فإنِ احتَجُّوا بعُمومِ قولِه سُبحانَه: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] خصَّصْناه بما رويناهُ.
(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٢٠٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute