للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُويَ أنه قالَ: «إنكُم لو فَعلْتُم ذلكَ لَقَطَعْتُم أرحامَهُنَّ»، ورُويَ في بعضِ الرواياتِ: «فإنهنَّ يَتقاطَعْنَ»، وفي بعضِها أنه «يُوجِبُ القطيعةَ»، ورُويَ عن أنسٍ أنه قالَ: «كانَ أصحابُ رسولِ اللهِ يَكرهونَ الجمعَ بينَ القَرابةِ في النكاحِ وقالوا: إنهُ يورِثُ الضغائنَ».

ورويَ عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ أنه كَرِهَ الجَمعَ بينَ بنتَي عمَّينِ وقالَ: «لا أُحَرِّمُ ذلكَ لكنْ أَكرَهُه»، أمَّا الكَراهةُ فلِمكانِ القطيعةِ، وأمَّا عدمُ الحرمةِ فلِأنَّ القرابةَ بينَهُما ليسَتْ بمُفترضةِ الوصلِ.

أمَّا الآيةُ فيُحتملُ أنْ يكونَ معنَى قولِه تعالَى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤] أي: ما وراءَ ما حرَّمَه اللهُ تعالَى، والجمعُ بينَ المرأةِ وعمَّتِها وبنتِها وبينَ خالتِها ممَّا قد حرَّمَه اللهُ تعالى على لِسانِ رسولِ اللهِ الذي هوَ وَحيٌ غيرُ مَتلوٍّ، على أنَّ حُرمةَ الجمعِ بينَ الأختَين مَعلولةٌ بقطعِ الرَّحمِ، والجمعُ ههُنا يُفضي إلى قطعِ الرَّحمِ، فكانَت حُرمةً ثابتةً بدَلالةِ النصِّ، فلم يَكنْ ما وراءَ ما حُرِّمَ في آيةِ التحريمِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رشدٍ : اتَّفقوا فيما أعلَمُ على تحريمِ الجمعِ بينَ المرأةِ وعمَّتِها وبينَ المرأةِ وخالتِها؛ لثُبوتِ ذلكَ عنه مِنْ حديثِ أبي هريرةَ، وتَواترِه عنه مِنْ أنه قالَ : «لا يُجمَعُ بينَ المرأةِ وعمَّتِها ولا بينَ المرأةِ وخالتِها».


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٦٢، ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>