قالَ عامةُ العُلماءُ: لا يَجوزُ، وقالَ عُثمانُ البَتيُّ: الجَمعُ فيما سِوى الأختَين وسِوى المرأةِ وبنتِها ليس بحَرامٍ، واحتجَّ بقولِه تعالَى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، ذكَرَ المحرَّماتِ وذكَرَ فيما حرَّمَ الجمعَ بينَ الأختَين وأحَلَّ ما وراءَ ذلكَ، والجَمعُ فيما سوى الأختَينِ لم يَدخلْ في التحريمِ، فكانَ داخِلًا في الإحلالِ، إلَّا أنَّ الجمعَ بينَ المرأةِ وبنتِها حُرِّمَ بدَلالةِ النصِّ؛ لأنَّ قرابةَ الوِلادِ أَقوى، فالنصُّ الواردُ ثمَّةَ يكونُ وارِدًا ههُنا مِنْ طريقِ الأَولى.
ولنا: الحديثُ المَشهورُ، وهوَ ما رُويَ عن أبي هُريرةَ ﵁ عن رسولِ اللهِ ﷺ أنه قالَ:«لا تُنكَحُ المرأةُ على عمَّتِها ولا على خالتِها ولا على ابنةِ أخِيها ولا على ابنةِ أختِها»، وزادَ في بعضِ الرِّواياتِ:«لا الصُّغرى على الكُبرى ولا الكُبرى على الصُّغرى» الحديث، أخبَرَ أنَّ مَنْ تزوَّجَ عمَّةً ثم بنتَ أخيها أو خالةً ثمَّ بنتَ أختِها لا يجوزُ، ثم أخبَرَ أنه إذا تزوَّجَ بنتَ الأخِ أولًا ثم العمَّةَ أو بنتَ الأختِ أولًا ثم الخالةَ لا يَجوزُ أيضًا؛ لئلا يُشكِلَ أنَّ حرمةَ الجمعِ يَجوزُ أنْ تكونَ مختصَّةً بأحدِ الطرفَينِ دونَ الآخرِ، كنكاحِ الأمَةِ على الحرةِ أنه لا يَجوزُ ويَجوزُ نكاحُ الحرةِ على الأمَةِ، ولأنَّ الجمعَ بينَ ذواتي رحِمٍ مُحرَّمٍ في النكاحِ سَببٌ لقطيعةِ الرحمِ؛ لأنَّ الضَّرتَينِ يَتنازعانِ ويَختلفانِ ولا يَأتلفانِ، هذا أمرٌ معلومٌ بالعُرف والعادةِ، وذلكَ يُفضي إلى قَطعِ الرحمِ وأنه حرامٌ، والنكاحُ سَببٌ فيَحرمُ حتى لا يُؤدِّيَ إليه، وإلى هذا المَعنى أشارَ النبيُّ ﷺ في آخرِ الحديثِ فيما