للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ [الحشر: ٧] وقد ثبَتَ عنِ النبيِّ تَحريمُ الجمعِ بينَ مَنْ ذَكَرْنا، فوجَبَ أنْ يكونَ مَضمومًا إلى الآيةِ، فيَكونُ قولُه تعالَى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ مُستعمَلًا فيمَن عدا الأختَينِ وعدا مَنْ بيَّنَ النبيُّ تَحريمَ الجمعِ بينَهنَّ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ بطَّالٍ : أجمَعَ العلماءُ أنه لا يَجوزُ الجَمعُ بينَ المرأةِ وعمَّتِها وإنْ علَتْ، ولا بينَ المرأةِ وخالتِها وإنْ علَتْ (٢).

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : أمَّا الجَمعُ بينَ ذواتِ الأرحامِ في النكاحِ فنَقولُ: لا خلافَ في أنَّ الجَمعَ بينَ الأختَين في النكاحِ حرامٌ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ [النساء: ٢٣] مَعطوفًا على قولهِ ﷿: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]، ولأنَّ الجَمعَ بينَهما يُفضي إلى قطيعةِ الرحمِ؛ لأنَّ العَداوةَ بينَ الضرتَينِ ظاهرةٌ، وأنها تُفضي إلى قطيعةِ الرحمِ، وقطيعةُ الرحمِ حرامٌ فكذا المُفضي، وكذا الجمعُ بينَ المرأةِ وبنتِها؛ لِمَا قُلنا، بل أَولى؛ لأنَّ قرابةَ الوِلادِ مُفترَضةُ الوصلِ بلا خلافٍ.

واختُلفَ في الجمعِ بينَ ذواتَي رَحمٍ مُحرَّمٍ سِوى هذَينِ الجَمعَينِ بينَ امرأتَين لو كانَتْ إحداهما رَجلًا لا يَجوزُ له نكاحُ الأُخرى مِنَ الجانبَين جَميعًا أيتُهما كانَت غيرَ عَينٍ، كالجَمعِ بينَ امرأةٍ وعمَّتِها والجَمعِ بينَ امرأةٍ وخالتِها ونحوِ ذلكَ.


(١) «أحكام القرآن» للجصاص (٣/ ٧٩).
(٢) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>