قالَ ابنُ عبَّاسٍ:«لا يُحرِّمُ الرَّبيبةَ إلا جِماعُ أمِّها»، وبه قالَ طاوسٌ وعَمرُو بنُ دينارٍ؛ لأنَّ اللهَ تعالى قالَ: ﴿فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]، وهذا ليسَ بدُخولٍ، فلا يَجوزُ تَركُ النصِّ الصريحِ مِنْ أجْلِه، وأما تَحريمُ أمِّها وتَحريمُها على أبِي المباشِرِ لها وابنِهِ فإنها في النكاحِ تَحرمُ بمُجرَّدِ العقدِ قَبْلَ المباشَرةِ، فلا يَظهرُ للمباشَرةِ أثرٌ (١).
ويحرمُ باللِّواطِ لا بدَواعيهِ مِنْ قُبلةٍ ونحوِها، ولا يحرمُ بمُساحَقةِ النساءِ، فيحرمُ على اللائطِ أمُّ المَلوطِ به وابنتُه، ويحرمُ على المَلوطِ به أمُّ اللائطِ وابنتُه؛ لأنَّه وطءٌ في الفرجِ، فنشَرَ الحُرمةَ كوطءِ المرأةِ، هذا هو الصَّحيحُ مِنَ المَذهبِ، وفي رِوايةٍ أخرى أنه لا يَنشرُ الحرمةَ اختارَها ابنُ قدامةَ ﵀ قالَ: فإنَّ هؤلاءِ غيرُ مَنصوصٍ عليهنَّ في التحريمِ، فيَدخلْنَ في عُمومِ قولِه تعالَى: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ [النساء: ٢٤]، ولأنهنَّ غيرُ منصوصٍ عليهنَّ ولا في معنَى المنصوصِ عليهِ، فوجَبَ أنْ لا يَثبتَ حُكمُ التحريمِ فيهنَّ، فإنَّ المنصوصَ عليهنَّ في هذا حَلائلُ الأبناءِ ومَن نكَحَهنَّ الآباءُ وأمُّهاتُ النساءِ وبناتُهنَّ، وليسَ هؤلاءِ منهنَّ ولا في معناهنَّ؛ لأنَّ الوطءَ في المرأةِ يكونُ سببًا للبعضيَّةِ ويوجِبُ المهرَ ويُلحَقُ به النسبُ وتصيرُ به المرأةُ فراشًا ويُثبِتُ أحكامًا لا يُثبتُها اللواطُ، فلا يجوزُ إلحاقُهُ بهنَّ؛ لعَدمِ العلَّةِ وانقطاعِ الشبهةِ، ولذلكَ لو أَرْضَعَ الرجلُ طفلًا لم يَثبتْ به