قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ ﵀: استُدلَّ بهذا الحَديثِ على إيجابِ الصَّلاةِ على النَّبيِّ ﷺ في كلِّ صَلاةٍ، لمَا وقعَ في هذا الحَديثِ مِنْ الزِّيادةِ في بعضِ الطُّرقِ عن أبي مَسعودٍ، وهو ما أخرَجه أصحابُ السُّننِ وصحَّحه التِّرمِذيُّ وابنُ خُزَيمةَ والحاكِمُ … بلَفظِ:«فَكَيفَ نُصَلِّي عَلَيكَ إِذَا نحن صلَّينَا عَلَيكَ في صَلاتِنَا»(١). قالَ الدَّارقُطنيُّ: إسنادُه حَسَنٌ مُتَّصِلٌ، وقالَ البَيهَقيُّ: إسنادُه حَسَنٌ صَحِيحٌ … وقد احتَجَّ بهذه الزِّيادةِ جَماعةٌ مِنْ الشافِعيَّةِ، كابنِ خُزَيمةَ، والبَيهَقيِّ؛ لِإيجابِ الصَّلاةِ على النَّبيِّ ﷺ بعدَ التشهُّدِ وقبلَ السَّلامِ، وتُعقِّب بأنَّه لا دِلالةَ فيه على ذلك، بل إنَّما يُفيدُ إيجابَ الإتيانِ بهذه الألفاظِ على مَنْ صلَّى على النَّبيِّ ﷺ في التشهُّدِ، وعلى تَقديرِ أنَّه يدلُّ على إيجابِ أصلِ الصَّلاةِ، فلا يدلُّ على هذا المَحَلِّ المَخصوصِ، ولكِن قرَّب البَيهَقيُّ ذلك كما تَقدَّم أنَّ الآيةَ لمَّا نَزَلت، وكانَ النَّبيُّ ﷺ قد علَّمهم كَيفيَّةَ السَّلامِ عليه في التشهُّدِ، والتشهُّدُ في داخِلِ الصَّلاةِ، فسألوا عن كَيفيَّةِ الصَّلاةِ، فعلَّمهم، فدلَّ على أنَّ المُرادَ بذلك إيقاعُ الصَّلاةِ عليه في التشهُّدِ بعدَ الفَراغِ مِنْ التشهُّدِ الذي تَقدَّم تَعليمُه لهم، ثم قالَ: وانتَصَرَ جَماعةٌ لِلشافِعيِّ، فذَكَروا أدلَّةً نَقليَّةً، ونَظريَّةً، فنَقَلوا الوُجوبَ عن جَماعةٍ مِنْ الصَّحابةِ والتَّابِعينَ ومَن بعدَهم، وأصحُّ ما
(١) رواه الحاكم في «المستدرك» (٩٨٨)، والبيهقي في «الكبرى» (٢٦٧٢)، وقالَ الإمام النَّوَويُّ ﵀ في «شرح صحيح مسلم» (٤/ ١٢٤): وهذه الزيادة صحيحة، رواها الإمامان الحافظان أبو حاتم بن حِبَّان، بكَسرِ الحاء، البُستي والحاكم أبو عبد الله في صحيحيهما قال الحاكم: هي زيادة صحيحة.