للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ القاضي عَبدُ الوهَّابِ : الصَّلاةُ على النَّبيِّ مَسنونةٌ، وليست بشَرطٍ في صحَّةِ الصَّلاةِ، خِلافًا لِلشافِعيِّ وابنِ المَوَّازِ في قولِهما: إنَّها واجِبةٌ في التشهُّدِ الأخيرِ؛ لقولِه في حَديثِ ابنِ مَسعودٍ لمَّا ذكرَ التشهُّدَ: «فإذا فَعَلتَ هذا فقد تَمَّت صَلاتُكَ»، ولأنَّ الجُلوسَ لم يكن من أركانِ الصَّلاةِ، فلم تكُنِ الصَّلاةُ على النَّبيِّ مُستحَقَّةً فيه كالقيامِ والسُّجودِ، ولأنَّ الصَّلاةَ على الأنبياءِ ليست بشَرطٍ في صحَّةِ الصَّلاةِ، اعتبارًا بسائرِ الأنبياءِ، ولأنَّه ذكرُ آدَمِيٍّ في تَضاعيفِ الصَّلاةِ، مُنفَصِلٌ عن القُرآنِ، فلم يكن شَرطًا، أصلُه قولُنا: اللَّهمَّ اغفِر لِلمُؤمِنينَ والمُؤمِناتِ (١).

وذَهب الشافِعيَّةُ والحَنابلَةُ في المَشهورِ وبَعضُ المالِكيَّةِ إلى وُجوبِ الصَّلاةِ على النَّبيِّ في التشهُّدِ الأخيرِ، فمَن تركَها بطَلت صَلاتُه؛ لحَديثِ كَعبِ بن عُجرَةَ أنَّه قالَ: إنَّ النَّبيَّ خرَج علينا فقُلنا: يا رَسولَ اللهِ، قد عَلِمنا كيف نُسَلِّمُ عَليكَ، فكَيفَ نُصَلِّي عَلَيكَ؟ قالَ: «قُولوا: اللَّهمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وَعلى آلِ مُحمَّدٍ، كما صلَّيتَ على آلِ إبراهيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهمَّ بارِك على مُحمَّدٍ وَعلى آلِ مُحمَّدٍ كما بارَكتَ على آلِ إبراهيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» (٢).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٨٦، ٢٨٧) رقم (٢٠٣)، ويُنظر: «أحكام القرآن» للجصاص (٥/ ٢٤٣)، و «الاختيار» (١/ ٥٤)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (٣/ ٦٢٣)، و «التَّمهيد» (١٦/ ١٩١، ١٩٥)، و «تفسير القرطبي» (١٤/ ٢٣٥).
(٢) رواه البخاري (٥٩٩٦)، ومسلم (٤٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>