للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسَببِ النسَبِ وسَببِ المصاهَرةِ إلا في مسألتَين يَختلفُ فيهما حُكمُ المُصاهَرةِ والرضاعِ (١).

وقالَ أيضًا: المرضِعةُ تَحرمُ على المرضَعِ؛ لأنها صارَتْ أمًّا له بالرضاعِ، فتَحرمُ عليهِ لقولِهِ ﷿: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] مَعطوفًا على قولِهِ تعالَى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣]، فسَمَّى المرضِعَةَ أمَّ المرضَعِ وحرَّمَها عليهِ، وكذا بناتُها يَحرمْنَ عليهِ، سواءٌ كُنَّ مِنْ صاحبِ اللبنِ أو مِنْ غيرِ صاحبِ اللبنِ، مَنْ تقدَّمَ منهنَّ ومَن تَأخرَّ؛ لأنهنَّ أخواتُهُ مِنَ الرضاعةِ، وقدْ قالَ اللهُ ﷿: ﴿وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ [النساء: ٢٣]، أثبَتَ اللهُ تعالَى الأخوَّةَ بينَ بناتِ المرضِعَةِ وبينَ المرضَعِ والحُرمةَ بينَهما مطلَقًا مِنْ غيرِ فَصلٍ بينَ أختٍ وأختٍ، وكذا بناتُ بناتِها وبناتُ أبنائِها وإنْ سَفَلْنَ؛ لأنهنَّ بناتُ أخِ المرضَعِ وأختهِ مِنَ الرضاعَةِ، وهنَّ يَحرمْنَ مِنَ النسَبِ، كذا مِنَ الرضاعةِ.

ولو أرضَعَتِ امرأةٌ صغيرَينِ مِنْ أولادِ الأجانبِ صارَا أخوَينِ؛ لكونِهما مِنْ أولادِ المرضِعةِ، فلا يَجوزُ المناكَحَةُ بينَهما إذا كان أحدُهما أنثى.

والأصلُ في ذلكَ: أنَّ كلَّ اثنَين اجتَمعَا على ثَديٍ واحِدٍ صارَا أخوَين أو أختَين أو أخًا وأختًا مِنْ الرضاعةِ، فلا يَجوزُ لأحدِهما أنْ يَتزوَّجَ بالآخَر ولا بولدِه كما في النسَبِ.


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٦٢)، و «تحفة الفقهاء» (٢/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>