للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهبَ الحنفيَّةُ إلى أنَّ نِكاحَ الشِّغارِ -وهوَ أنْ يُزوِّجَ الرَّجلُ ابنتَه أو أختَه أو أَمَتَهُ عَلى أنْ يُزوِّجَهُ الآخَرُ ابنتَهُ أو أختَهُ أو أمَتَهُ لِيَكونَ أحَدُ العقدَينِ عِوضًا عنِ الآخَرِ- صَحيحٌ ويَجبُ فيهِ مَهرُ المِثلِ؛ لبُطلانِ التَّسميةِ؛ لأنهُ سمَّى ما لا يَصلحُ مَهرًا؛ إذِ المسمَّى ليسَ بمالٍ، فوجَبَ مَهرُ المثلِ، كما إذا تَزوَّجَها عَلى خَمرٍ أو مَيتةٍ.

ولأنَّ النكاحَ لا يَبطلُ بالشُّروطِ الفاسدةِ، وهذا شَرطٌ فيهِ، ألَا تَرى أنهُ لا يَفسدُ بتَسميةِ ما ليسَ بمَالٍ كالدَّمِ ونحوِهِ ولا بتَرْكِ التَّسميةِ بالكُليَّةِ، والنَّهيُ الواردُ فيهِ إنَّما كانَ مِنْ أجْلِ إخلائِهِ عن تَسميةِ المَهرِ واكتفائِهِ بذلكَ مِنْ غَيرِ أنْ يَجبَ فيهِ شَيءٌ آخَرُ مِنَ المالِ على ما كانتْ عليهِ عادتُهم في الجَاهليَّةِ، أو هوَ مَحمولٌ على الكَراهيةِ.

ويُشتَرطُ لِتحقُّقِ مَعنى الشِّغارِ أنْ يَجعلَ بُضعَ كلٍّ مِنهُما صَداقًا للأُخرى معَ القَبولِ مِنَ الآخَرِ، فإنْ لم يَقلْ ذلكَ ولا معناهُ بل قالَ: «زوَّجْتُكَ بِنتِي على أنْ تُزوِّجَنِي بِنتَكَ» فقَبِلَ الآخَرُ، أو قالَ: «على أنْ يَكونَ بُضعُ بِنتِي صَداقًا لِبنتِكَ» فلَم يَقبلِ الآخَرُ بل زوَّجَه بِنتهُ ولَم يَجعَلْها صَداقًا لم يَكنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>