للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثَني نافعٌ عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ عُمرَ : «أنَّ رَسولَ اللهِ نَهى عنِ الشِّغارِ»، قُلتُ لنافِعٍ: ما الشِّغارُ؟ قالَ: يَنْكِحُ ابنَةَ الرَّجلِ ويُنكِحُه ابنتَهُ بغَيرِ صَداقٍ، ويَنكِحُ أُختَ الرَّجلِ ويُنكِحُه أُختَه بغَيرِ صَداقٍ» (١)، والنَّهيُ يَقتضِي فَسادَ المَنهيِّ عنهُ.

ورَوى مُسلمٌ عنِ ابنِ نُمَيرٍ وأبو أسامَةَ عَنْ عُبيدِ اللهِ عَنْ أبِي الزِّنادِ عنِ الأعرَجِ عَنْ أبِي هُريرةَ قالَ: «نَهى رَسولُ اللهِ عَنِ الشِّغارِ»، زادَ ابنُ نُمَيرٍ: «والشِّغارُ أنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: زَوِّجْني ابنتَكَ وأُزوِّجُكَ ابنَتِي، أو: زَوِّجْنِي أُختَكَ وأُزوِّجُكَ أُختِي» (٢).

وقد رُويَ عن عمرَ وزَيدِ بنِ ثابِتٍ أنَّهما فرَّقَا فيهِ -أي بيْنَ المُتناكِحَينِ؛ لِمَا رَوى ابنُ عُمرَ : «أنَّ رَسُولَ اللهِ نَهى عنِ الشِّغَارِ»، ولأنهُ جَعَلَ كلَّ واحدٍ مِنَ العَقدَينِ سَلَفًا في الآخَرِ فلم يَصحَّ، كما لو قالَ: «بِعنِي ثوبَكَ على أنْ أبيعَكَ ثَوبي»، وليسَ فَسادُه مِنْ قِبَلِ التَّسميةِ، بل مِنْ جِهةِ أنهُ وافقَهُ على شَرطٍ فاسدٍ، ولأنهُ شرَطَ تَمليكَ البُضعِ لغَيرِ الزوجِ، فإنهُ جَعلَ تَزويجَهُ إيَّاها مهرًا للأُخرى، فكأنهُ ملَّكَه إياها بشَرطِ انتِزاعِها منهُ، ولأنهُ يَحصلُ في البُضعِ تَشريكٌ، فلَم يَصحَّ العَقدُ مع ذلكَ كمَا لو زوَّجَ ابنتَهُ مِنْ رَجلَينِ (٣).


(١) رواه البخاري (٦٥٥٩)، ومسلم (١٤١٥).
(٢) رواه مسلم (١٤١٦).
(٣) «المدونة الكبرى» (٤/ ١٥٢)، و «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٢٢٠)، و «التمهيد» (١٤/ ٧١، ٧٢)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٣٤٣، ٣٤٤) رقم (١١٧٩)، و «الذخيرة» (٤/ ٣٨٥)، و «شرح الزرقاني» (٣/ ١٨٦)، و «شرح ميارة» (١/ ٢٧٧)، و «الإشراف» (٥/ ٤٨، ٤٩)، و «البيان» (٩/ ٢٧٣)، و «المغني» (٧/ ١٣٥، ١٣٦)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٣٩٦، ٣٩٧)، و «المبدع» (٧/ ٨٣، ٨٤)، و «الإنصاف» (٨/ ١٦٠، ١٦١)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٠١)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ١٢٣، ١٢٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٨٨، ٥٨٩) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>