للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيةُ: الكَفاءةَ حَقٌّ للمرأةِ وللوليِّ معًا، ولهُما تَركُها معًا، فإنْ لَم يَرضَيَا معًا فالقَولُ لِمَنْ امتَنعَ منهُما، وعلى الحاكِمِ مَنعُ مَنْ رَضيَ مِنهُما (١).

وقالَ الشافِعيةُ: الكَفاءةُ حَقٌّ للمَرأةِ والوَليِّ، واحِدًا كانَ الوَليُّ أو جماعَةً مُستوِينَ في دَرجةٍ، فلا بُدَّ مع رِضاها بغيرِ الكُفءِ مِنْ رضَا سائرِ الأولياءِ بهِ لا رِضَا أحَدِهم؛ لأنَّ لهمْ حَقًّا في الكَفاءةِ، فاعتُبِرَ رِضاهم بتَركِها كالمَرأةِ، بخِلافِ ما إذا زوَّجَها أحَدُهم بكُفءٍ بدُونِ مَهرِ مِثلِها برِضاها دونَ رِضاهُم فإنهُ يَصحُّ؛ إذْ لا حقَّ لهُم في المَهرِ ولا عارَ.

ولو زوَّجَها الوَليُّ الأقربُ غيرَ كُفءٍ برِضاها فليسَ للأبعَدِ مِنْ الأولياءِ الاعتِراضُ؛ إذْ لا حقَّ له الآنَ في التَّزويجِ.

وإنْ زوِّجَتِ البِكرُ بالإجبارِ أو الثيِّبُ بإذنٍ مِنها مُطلَقٍ عنِ التَّقييدِ بكُفءٍ أو بغيرِه مِنْ غيرِ كُفءٍ لمْ يَصحَّ التَّزويجُ؛ لعَدمِ رِضاها بهِ.

ويُستَثنى ممَّا ذُكرَ ما لو كانَ عَدمُ الكَفاءةِ لجَبٍّ أو عُنَّةٍ، فيَصحُّ تَزويجُها مِنْ المَجبوبِ والعِنِّينِ برِضاها وإنْ لمْ يَرضَ الوليُّ.

ولو طلَبتْ مَنْ لا وَليَّ لها خاصًّا أنْ يُزوِّجَها السُّلطانُ أو نائبُه بغيرِ كُفءٍ ففعَلَ لم يَصحَّ تَزويجُه بهِ في الأصَحِّ؛ لأنه نائِبُ المُسلِمينَ ولهُم حَظٌّ في الكَفاءةِ.


(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٣/ ٥٨، ٥٩)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ٢٧)، و «منح الجليل» (٣/ ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>