للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسُكوتُ الوَليِّ عَنْ المُطالَبةِ بالتَّفريقِ لا يُبطِلُ حقَّهُ في الفَسخِ وإنْ طالَ الزَّمانُ حتَّى تَلدَ، فإنْ ولَدَتْ منهُ لمْ يَبقَ لهمْ أنْ يُفرِّقوا؛ كي لا يَضيعَ الولدُ عمَّنْ يُربيهِ، وما لمْ يَقضِ القاضي بينَهُما فحُكمُ الطَّلاقِ والظِّهارِ والإيلاءِ والمِيراثِ قائِمٌ بينَهُما، والفُرقةُ تَكونُ فَسخًا لا طلاقًا.

فإنْ لمْ يَكنِ الزَّوجُ دخَلَ بها فلا شَيءَ لها، وإنْ دخَلَ بها أو خَلا بها خَلوةً صَحيحةً لَزمَه كلُّ المُسمَّى ونَفقةُ العدَّةِ وعليها العدَّةُ.

وإذا زوَّجَتْ نفسَها مِنْ غيرِ كُفءٍ وجهَّزَها وليُّها وقبَضَ مَهرَها فليسَ لهُ حقُّ الفَسخِ بعدَ ذلكَ؛ لأنَّ ذلكَ تَقريرٌ لحُكمِ العَقدِ.

وإذا تَزوَّجتِ المَرأةُ غيرَ كُفءٍ فرَضيَ بهِ أحَدُ الأولياءِ جازَ ذلكَ، ولا يَكونُ لمَن هو مِثلُه في الوِلايةِ أو أبعَدُ مِنهُ أنْ ينقضَهُ، إلَّا أنْ يكونَ أقرَبَ منهُ، فحِينئذٍ لهُ المُطالَبةُ بالتَّفريقِ عندَ أبي حَنيفةَ ومُحمدٍ.

وقالَ أبو يُوسفَ: إذا رَضيَ أحَدُ الوَليَّينِ بغيرِ كُفءٍ فللوليِّ الَّذي هو مِثلهُ أنْ لا يَرضَى بهِ.

ولو أسقَطَ بعضُ الأولياءِ حقَّهُ مِنْ الكَفاءةِ سقَطَ حَقُّ الباقِينَ إذا رَضيَتْ بذلكَ المَرأةُ عندَ أبي حَنيفةَ ومُحمدٍ.

وقالَ أبو يُوسفَ: لا يَسقُطُ حقُّ مَنْ لمْ يَرضَ (١).


(١) «المبسوط» (٥/ ٢٦، ٢٧)، و «الهداية» (١/ ٢٠١)، و «الاختيار» (٣/ ١٢٥)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٩٤)، و «العناية» (٤/ ٤٤٢)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٠٥، ٣٠٦)، و «اللباب» (٢/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>