للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استِمرارُها بعدَ ذلكَ، حتَّى لو تزوَّجَها وهوَ كُفءٌ ثمَّ صارَ فاجِرًا داعِرًا لا يُفسخُ النكاحُ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: العِبرةُ في خِصالِ الكَفاءةِ بحالةِ العَقدِ، نَعمْ تَركُ الحِرفةِ الدنيئةِ قبلَه لا يؤثِّرُ إلا إنْ مضَتْ سنَةٌ كما أطلَقَه جَمعٌ، وهو واضِحٌ إنْ تلبَّسَ بغيرِها بحَيثُ زالَ عَنه اسمُها ولم يُنسَبْ إليها أصلًا، وإلا فلا بدَّ مِنْ مُضيِّ زمنٍ يَقطعُ نِسبتَها عنهُ بحيثُ صارَ لا يُعيَّرُ بها.

وقدْ بحَثَ ابنُ العِمادِ والزَّركشيُّ أنَّ الفاسِقَ إذا تابَ لا يُكافِئُ العَفيفةَ، وصرَّحَ ابنُ العمادِ في مَوضعٍ آخَرَ بأنَّ الزانِيَ المُحصَنَ وإنْ تابَ وحَسُنتْ تَوبتُه لا يَعودُ كُفئًا كما لا تَعودُ عفَّتُه، وبأنَّ المَحجورَ عليهِ بسَفهٍ ليسَ بكُفءٍ للرَّشيدةِ.

وبما تَقرَّرَ مِنْ أنَّ العِبرةَ بحالةِ العَقدِ عُلِمَ أنَّ طُروءَ الحِرفةِ الدَّنيئةِ لا يُثبتُ الخِيارَ، وهو الأوجَهُ؛ لأنَّ الخِيارَ في النِّكاحِ بعدَ صحَّتِه لا يُوجَدُ إلا بالأسبابِ الخَمسةِ الآتيةِ في بابِه وبالعِتقِ تحتَ رقيقٍ، وليسَ طروءُ ذلك واحدًا مِنْ هذهِ ولا في مَعناها.

قالَ الشِّهابُ الرَّمليُّ : وأمَّا قَولُ الإِسنَويِّ: «يَنبغِي الخِيارُ إذا تَجدَّدَ الفِسقُ» فمَردودٌ كما قالَهُ الأذرَعيُّ وابنُ العِمادِ وغيرُهما، نعمْ طُروءُ الرِّقِّ يُبطلُ النكاحَ، وقَولُ الإِسنويِّ: «تَتخيَّرُ بهِ» وَهمٌ (٢).


(١) «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٠٤)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٦٠، ٣٦١)، و «درر الحكام» (٤/ ١٠٢)، و «الدر المختار» (٣/ ٩٢).
(٢) «نهاية المحتاج» (٦/ ٢٩٦)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٦٥٠، ٦٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>