للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باطِلةٌ، ولأنَّها قِراءةٌ لا تَجِبُ على المَسبوقِ، فلم تَجِب على غيرِه، كالسُّورةِ.

قالَ أبو داودَ: قيلَ لِلإمامِ أحمدَ : فإنَّه -يَعني المَأمومَ- قرأَ بفاتِحةِ الكتابِ، ثم سمِع قِراءةَ الإمامِ. قالَ: يَقطعُ إذا سمِع قِراءةَ الإمامِ، ويُنصِتُ لِلقِراءةِ. وإنَّما قالَ ذلك اتِّباعًا لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [الأعراف: ٢٠٤]، ولقولِ النَّبيِّ : «وإذا قرأَ فَأَنصِتُوا» (١).

القولُ الثالِثُ: أنَّه لا يَقرأُ في الجَهريَّةِ بشَيءٍ مِنْ القُرآنِ، ولو لم يَسمَع قِراءَةَ الإمامِ، ويَقرأُ في السِّريَّةِ استِحبابًا، وهو مَذهبُ المالِكيَّةِ.

نقلَ القُرطُبيُّ عن مالِكٍ: أنَّه لا يَقرأُ في الجَهريةِ بشَيءٍ مِنْ القُرآنِ خلفَ الإمامِ، وأمَّا في السِّريَّةِ فيَقرأُ بفاتِحةِ الكتابِ، فإن تركَ قِراءتَها فقد أساءَ، ولا شَيءَ عليه (٢).

قالَ ابنُ عَبد البرِّ : وفي إجماعِ أهلِ العِلمِ على أنَّ قولَه تَعالى: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا﴾ [الأعراف: ٢٠٤]، لم يَرد في كلِّ مَوضِعٍ يُسمَعُ فيه القُرآنُ، وإنَّما أرادَ الصَّلاةَ، فهو أوضَحُ الدَّلائِلِ على أنَّه لا يَقرأُ مع الإمامِ فيما جهرَ فيه، ويَشهَدُ لِهذا قولُ رَسولِ اللهِ : «وإذا قرأَ فَأَنصِتُوا» (٣).


(١) «المغني» (٢/ ١١٧، ١١٩)، و «الإفصاح» (١/ ١٦٢، ١٦٣)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٤٥١).
(٢) «تفسير القرطبي» (١/ ١١٨، ١١٩)، و «بداية المجتهد» (١/ ٢١٩).
(٣) رواه مسلم (٤٠٤)، وانظر: «الاستذكار» (١/ ٤٦٥، ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>