واختَلفُوا في النكاحِ يُعقَدُ ببيِّنةٍ عادِلةٍ سرًّا، فقالَ مالِكٌ: يُفرَّقُ بينَهُما، ويَجوزُ إنْ لم يَحضرْه شُهودٌ إذا أعلَنوهُ.
وفي قَولِ الشافعيِّ: النكاحُ جائِزٌ، ولا يكونُ ذلكَ نِكاحَ السرِّ.
وقالَ النُّعمانُ في نكاحِ السرِّ: لا يُفرَّقُ بينَهُما.
قالَ أبو بكرٍ: النكاحُ جائزٌ إذا عُقِدَ بما يُعقَدُ به النكاحُ (١).
وقالَ ابنُ رُشدٍ ﵀: واتَّفقُوا على أنه لا يَجوزُ نِكاحُ السرِّ.
واختَلفُوا إذا أشهَدَ شاهدَينِ ووُصيَّا بالكِتمانِ، هل هو سِرٌّ أو ليسَ بسِرٍّ؟
فقالَ مالِكٌ: هو سِرٌّ ويُفسَخُ، وقالَ أبو حَنيفةَ والشافعيُّ: ليسَ بسِرٍّ.
وسَببُ اختِلافِهم: هل الشَّهادةُ في ذلكَ حُكمٌ شَرعيٌّ؟ أم إنَّما المَقصودُ منها سَدُّ ذريعةِ الاختِلافِ أو الإنكارِ؟ فمَن قالَ:«حُكمٌ شَرعيٌّ» قالَ: هي شَرطٌ مِنْ شُروطِ الصِّحةِ، ومَن قالَ:«توثُّقٌ» قالَ: مِنْ شُروطِ التَّمامِ.
والأصلُ في هذا ما رُويَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ:«لا نِكاحَ إلَّا بشاهِدَي عَدلٍ ووَليٍّ مُرشِدٍ»، ولا مُخالِفَ له مِنْ الصَّحابةِ، وكثيرٌ مِنْ الناسِ رَأى هذا داخِلًا في بابِ الإجماعِ، وهو ضَعيفٌ، وهذا الحَديثُ قد رُويَ مَرفوعًا، ذكَرَه الدَّارقطنيُّ وذكَرَ أنَّ في سَندِه مَجاهيلَ.