بشَهادتِهما في الأداءِ، والنكاحُ على حالِه مِنْ الصحَّةِ ما لم يَظهرْ مِنهُما تقدُّمُ الفسقِ.
والقِسمُ الثالثُ: أنْ يكونَا فاسِقَينِ، فالعَقدُ باطِلٌ، فلو ظهَرَتْ عَدالتُهما بعدَ العقدِ مع تقدُّمِ الفسقِ وقْتَ العقدِ كانَ العقدُ على فسادِه.
والقِسمُ الرابعُ: أنْ يكونَا مَجهولَيِ الحالِ لا يُعرَفُ فيهِما عَدالةٌ ولا فِسقٌ، فهُمَا على ظاهرِ العَدالةِ والنكاحُ بهما جائزٌ؛ لأنَّ الأصلَ العَدالةُ، والفِسقُ طارئٌ، وهو معنَى قولِ الشافعيِّ: «والشُّهودُ على العَدلِ حتَّى يُعلَمَ الجَرحُ يومَ وقَعَ النكاحُ»، وإذا صَحَّ العقدُ بهِما مع الجَهالةِ بحالِهِما لم يَحكمِ الحاكمُ بهِما مِنْ إثباتِ العَقدِ عندَه إلا بعدَ استِبراءِ حالِهما في الظاهرِ والباطنِ …
فإذا أقَرَّ الزَّوجانِ عندَ الحاكمِ أنهُما عقَدَا النكاحَ بوَليٍّ مُرشِدٍ وشاهِدَي عَدلٍ حكَمَ عليهِما بصِحةِ النكاحِ؛ بناءً على إقرارِهِما، ولم يَسألْ عن عَدالةِ الشاهدَينِ ورُشدِ الوَليِّ، فلو تَناكَرَ الزوجانِ مِنْ بعدُ أو ادَّعَى أحَدُهما سفَهَ الوَليِّ وفِسقَ الشاهدَينِ ألزَمَه صِحةَ النكاحِ بسابِقِ إقرارِه ولم يُؤثِّرْ فيه حُدوثُ إنكارِه، فلو قالَ: «أنَا أُقِيمُ البيِّنةَ بما ادَّعَيتُ مِنْ سفَهِ الوَليِّ وفِسقِ الشاهدَينِ» لم يَسمعْهُما منهُ؛ لأنَّ إقرارَه على نفسِه أَولى مِنْ بيِّنةٍ أكذبها بهِ (١).
(١) «الحاوي الكبير» (٩/ ٦٤، ٦٥)، و «البيان» (٩/ ٢٢٢، ٢٢٣)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٥٧)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٤٣)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٥٥٦)، و «الديباج» (٣/ ١٨٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute