للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ولأنَّ الفاتِحةَ وسائِرَ القُرآنِ سَواءٌ في سائرِ الأحكامِ، فكذا في الصَّلاةِ.

وقالوا: إنَّ قولَه تَعالى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠]، يدلُّ على أنَّ الواجِبَ أن يَقرأَ أيَّ شَيءٍ تَيَسَّرَ مِنْ القُرآنِ؛ لأنَّ الآيةَ وَرَدت في القِراءةِ في الصَّلاةِ، بدَليلِ قولِه تَعالى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٢٠]، إلى قولِه: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠]، ولم تَختلِفِ الأمَّةُ على أنَّ ذلك في شَأنِ الصَّلاةِ في اللَّيلِ، وذلك عُمومٌ عندَنا في صَلاةِ اللَّيلِ وغيرِها مِنْ النَّوافِلِ والفَرائِضِ؛ لعُمومِ اللَّفظِ.

وأمَّا حَديثُ عُبادَةَ: «لَا صَلاةَ لِمَنْ لم يَقرأ فَاتِحَةَ الكتابِ»، فقد حَمَلوه على نَفيِ الكَمالِ، لا على نَفيِ الحَقيقةِ، ومَعناه عندَهم: «لا صَلاةَ كامِلةً لِمَنْ لم يَقرأ بفاتِحةِ الكتابِ». ولذلك قالوا: تَصحُّ الصَّلاةُ مع الكَراهةِ.

وأمَّا حَديثُ أبي هُريرةَ: «فهي خِدَاجٌ، فهي خِدَاجٌ … » إلخ، فقالوا: فيه ما يدلُّ لنا؛ لأنَّ (الخِداجَ) النَّاقِصةُ، وهذا يدلُّ على جَوازِها مع النُّقصانِ؛ لأنَّها لو لم تكُن جائِزةً لَمَا أُطلِقَ عليها اسمُ النُّقصانِ؛ لأنَّ إثباتَها ناقِصةً يَنفي بُطلانَها؛ إذ لا يَجوزُ الوَصفُ بالنُّقصانِ لِلشَّيءِ الباطِلِ الذي لم يثبُت منه شَيءٌ.

ألَا تَرَى أنَّه لا يُقالَ لِلنَّاقةِ إذا حالَت فلم تَحمِل: إنَّها قد أخدَجَت؟ وإنَّما يُقالَ: أخدَجَت، وخَدَجَت، إذا ألقَت وَلَدَها ناقِصَ الخِلقةِ، أو وضعَته لغيرِ تَمامٍ في مدَّةِ الحَملِ، فأمَّا التي لم تَحمِل فلا تُوصَفُ بالخِداجِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>