للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُروضِها، وكما عبَّر عنها بالرُّكوعِ، فقالَ: ﴿وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٣]، دلَّ على أنَّه من فُروضِها.

وأيضًا فإنَّ النَّبيَّ قالَ لِلمُسيءِ صَلاتَه: «إذا استَقبَلتَ القِبلَةَ فَكَبِّر، ثم اقرَأ بِأُمِّ القُرآنِ، ثم اقرَأ بِمَا شِئتَ، أو بِمَا شَاءَ اللهُ أن تَقرَأَ … » الحَديثَ (١).

وهذا مِنْ أحسَنِ الأدلَّةِ؛ لأنَّ النَّبيَّ لم يَذكُر له في هذا الحَديثِ إلا الفَرضَ (٢).

القولُ الآخَرُ: وهو قولُ الحَنفيَّةِ والإمامِ مالِكٍ وأحمدَ في رِوايةٍ عنهما ذَهَبوا إلى أنَّ الصَّلاةَ تُجزِئُ بدُونِ فاتِحةِ الكتابِ مع الإساءةِ، ولا تبطُلُ صَلاتُه إن كانَ عامِدًا، وإن كانَ ساهِيًا يَلزمُه سُجودُ السَّهوِ. وجعلَ الحَنفيَّةُ قِراءةَ الفاتِحةِ مِنْ واجِباتِ الصَّلاةِ؛ لِثُبوتِها بخَبرِ الواحدِ الزائِدِ على قولِه تَعالى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ﴾ [المزمل: ٢٠]، والزِّيادةُ، وإن كانَت لا تَجوزُ، يجبُ العملُ بها، ومِن أجلِ ذلك قالوا بوُجوبِها.


(١) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٨٥٩)، وأحمد في «المسند» (٤/ ٣٤٠)، والشافعي في «مسنده» (١/ ٣٤)، وابن حبان في «صحيحه» (٥/ ٨٨).
(٢) «التَّمهيد» (٢٠/ ١٩٢)، و «الإشراف على نُكت مسائل الخلاف» (١/ ٢٥٣، ٢٥٤) رقم (١٧٤)، و «التاج والإكليل» (١/ ٥١٨)، و «تفسير القرطبي» (١/ ١١٧)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (١/ ٦، ٢/ ٣٦٥)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢٠٦)، و «الأوسط» (٣/ ٩٩، ١٠١)، و «المجموع» (٣/ ٢٧٣)، و «كفاية الأخيار» (١٤٧)، و «المغني» (٢/ ٢٤)، و «الإفصاح» (١/ ١٦٤)، و «فتح الباري» (٢/ ٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>