للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فثَبت بذلك جَوازُ الصَّلاةِ بغيرِ فاتِحةِ الكتابِ؛ إذِ النُّقصانُ غيرُ نافٍ لِلأصلِ، بل يَقتَضي ثُبوتَ الأصلِ حتى يَصحَّ وَصفُها بالنُّقصانِ، وقد رَوى أيضًا عَبَّادُ بنُ عَبد اللهِ بنِ الزُّبَيرِ عن عائِشَةَ عن النَّبيِّ قالَ: «كلُّ صَلاةٍ لا يُقرَأُ فيها بفاتِحةِ الكتابِ فهي خِداجٌ»، فأثبَتَها ناقِصةً، وإثباتُ النُّقصانِ يُوجِبُ ثُبوتَ الأصلِ على ما وَصَفنا، وقد رُويَ أيضًا عن النَّبيِّ : «إنَّ الرَّجلَ لَيُصلِّي الصَّلاةَ يُكتَبُ له نِصفُها، خُمُسُها، عُشرُها»، فلم يُبطِل جُزءًا بنُقصانِها.

وأيضًا الحَديثُ الصَّحِيحُ في الصَّحيحَينِ في حَديثِ المُسيءِ في صَلاتِه عن أبي هُريرةَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ دخلَ المَسجدَ، فدخلَ رَجلٌ فصلَّى، ثم جاءَ فسلَّم على رَسولِ اللَّهِ ، فردَّ رَسولُ اللَّهِ السَّلامَ، قالَ: «ارجِع فصَلِّ؛ فَإنَّكَ لم تُصَلِّ». فرَجعَ الرَّجلُ فصلَّى كما كانَ صلَّى، ثم جاءَ إلى النَّبيِّ ، فسلَّم عليه، فقالَ رَسولُ اللَّهِ : وعَلَيكَ السَّلامُ، ثم قالَ: «ارجِع فصَلِّ؛ فَإنَّكَ لم تُصَلِّ». حتى فعَلَ ذلك ثَلاث مرَاتٍ، فقالَ الرَّجلُ: وَالَّذي بعَثكَ بالحقِّ ما أُحسِنُ غيرَ هذا، عَلِّمنِي. قالَ: «إذا قُمتَ إلى الصَّلاةِ فَكَبِّر، ثم اقرَأ ما تَيَسَّرَ معَكَ مِنْ القُرآنِ، ثم اركَع، حتى تَطمَئن رَاكعًا، ثم ارفَع حتى تَعتدِلَ قائِمًا، ثم اسجُد حتى تَطمَئن ساجِدًا، ثم ارفَع حتى تَطمَئن جالسًا، ثم افعَل ذلك في صَلاتِكَ كلِّهَا» (١)، فقولُ النَّبيِّ : «ثم اقرأ ما تَيَسَّرَ معَكَ مِنْ


(١) رواه البخاري (٧٢٤)، ومسلم (٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>