للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتابِ»، قُلتُ: فَإِنْ كُنْتُ خلفَ الإِمَامِ؟ فَأَخذَ بِيَدِي، وقالَ: «اقرَأ بِهَا في نَفسِكَ يَا فَارِسِيُّ» (١).

وبحَديثِ أبي سَعيدٍ الخُدرِيِّ : «أُمِرنَا أن نَقرَأَ بِفَاتِحَةِ الكتابِ وما تَيَسَّرَ» (٢).

قالوا: فهذه الآثارُ كلُّها وغيرُها تَدلُّ على وُجوبِ قِراءةِ الفاتِحةِ في الصَّلاةِ، فإنَّ قولَه : «لَا صَلاةَ لِمَنْ لم يَقرأ فَاتِحَةَ الكتابِ»، يدلُّ على نَفيِ الصِّحَّةِ، وكذلك قولُه : «فهي خِداجٌ» ثَلاثًا، يدلُّ على النَّقصِ والفَسادِ؛ فوجبَ أن تَكونَ قِراءةُ الفاتِحةِ شَرطًا لِصحَّةِ الصَّلاةِ؛ لأنَّ قولَه : «لَا تُجزِئُ صَلاةٌ لَا يُقرَأُ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الكتابِ»، يدلُّ على أنَّ مَعنى قولِه: «فهي خِداجٌ» أنَّه النَّقصُ الذي لا تُجزِئُ الصَّلاةُ معه، لا النَّقصُ الذي يَجوزُ معه الصَّلاةُ.

وقولُه تَعالى في الحَديثِ القُدسيِّ: «قَسَمتُ الصَّلاةَ بَينِي وَبينَ عَبدي نِصفَينِ، وَلِعَبدي مَا سَأَلَ … »، فلمَّا عبَّر بالصَّلاةِ عن قِراءةِ فاتِحةِ الكتابِ دلَّ على أنَّها مِنْ فُروضِها، كما أنَّه لمَّا عبَّر عن الصَّلاةِ بالقُرآنِ في قولِه: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ [الإسراء: ٧٨]، وأرادَ قِراءةَ صَلاةِ الفَجرِ، دلَّ على أنَّها من


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن خزيمة في «صحيحه» (٤٩٠)، وابن حبَّان في «صحيحه» (١٧٨٩)، والدَّارَقُطني (١٢٣٨).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٨١٨)، وأحمد (٣/ ٤٥، ٩٧)، وابن حِبَّان في «صحيحه» (٥/ ٩٢)، وقالَ الحافظ في «الفتح» (٢/ ٢٨٤): إسناده قوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>