والمعنَى فيه أنه وَليُّها بعدَ البلوغِ، فيكونُ وليًّا لها في حالِ الصِّغرِ كالأبِ والجَدِّ؛ وهذا لأنَّ تَأثيرَ البلوغِ في زوالِ الولايةِ، فإذا جُعلَ هو وليًّا بعدَ بُلوغِها بهذا السَّببِ عَرفْنا أنه وليُّها في حالِ الصِّغرِ، وبه فارَقَ المالَ؛ لأنه لا يَستفيدُ الولايةَ بهذا السَّببِ في المالِ بحالٍ، وكانَ المعنَى فيه أنَّ المالَ تَجرِي فيه الجِناياتُ الخَفيةُ، وهذا الوليُّ قاصِرُ الشَّفقةِ، فربَّما يَحملُه ذلكَ على تَركِ النظرِ لها، فأمَّا الجِنايةُ في النفسِ مِنْ حيثُ التَّقصيرُ في المهرِ والكَفاءةِ، وذلكَ ظاهِرٌ يُوقَفُ عليه إنْ فعَلَه يُرَدُّ عليهِ تصرُّفُه، ولأنه لا حاجةَ إلى إثباتِ الولايةِ لهؤلاءِ في المالِ؛ فإنَّ الوَصيَّ يتصرُّفُ في المالِ، والأبُ مُتمكِّنٌ مِنْ نَصبِ الوَصيِّ، وباعتِبارِه تَنعدمُ حاجتُها، فأما التصرُّفُ في النفسِ لا يَحتملُ الإيصاءَ إلى الغيرِ، فلهذا يَثبتُ للأولياءِ بطَريقِ القيامِ مَقامَ الآباءِ (١).
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: قالَ أبو الخطَّابِ: وقد نَقلُ عبدُ اللهِ عن أبيه كقَولِ أبي حَنيفةَ؛ لأنَّ الله تعالَى قالَ: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٣]، فمَفهومُه أنه إذا لم يَخَفْ، فله تَزويجُ اليَتيمةِ واليتيمِ مَنْ لم يَبلغْ؛ لقولِ النبيِّ ﷺ:«لا يُتْمَ بعدَ احتِلامٍ»، قالَ عُروةُ: سألْتُ عائشةَ عن قولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾ [النساء: ٣] فقالَتْ: «يا ابنَ أُختِي هذه اليَتيمةُ تكونُ في حِجرِ وليِّها فيَشركُها في