للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالِها، ويُعجبُه مالُها وجمالُها، فيُريدُ أنْ يتزوَّجَها بغيرِ أنْ يُقسِطَ في صَداقِها، فيُعطيها مِثلَ ما يُعطِيها غيرُه، فنُهُوا عن نِكاحِهنَّ إلا أنْ يُقسِطُوا فيهنَّ ويَبلغُوا أعلَى سُنَّتهنَّ في الصداقِ» مُتفَقٌ عليهِ، ولأنه وليٌّ في النكاحِ، فملَكَ التزويجَ كالأبِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : فأمَّا هل يُزوِّجُ الصغيرةَ غيرُ الأبِ أم لا؟

فقالَ الشافعيُّ: يزوِّجُها الجَدُّ أبو الأبِ والأبُ فقط.

وقالَ مالكٌ: لا يزوِّجُها إلا الأبُ فقط أو مَنْ جعَلَ الأبُ له ذلكَ إذا عيَّنَ الزوجَ، إلَّا أنْ يُخافَ عليها الضَّيعةُ والفِسادُ.

وقالَ أبو حَنيفةَ: يزوِّجُ الصغيرةَ كلُّ مَنْ له عليها وِلايةٌ مِنْ أبٍ وقَريبٍ وغيرِ ذلكَ، ولها الخِيارُ إذا بلَغَتْ.

وسَببُ اختِلافِهم مُعارَضةُ العُمومِ للقياسِ، وذلكَ أنَّ قولَه : «والبِكرُ تُستأْمَرُ، وإذنُها صُماتُها» يقتضِي العُمومَ في كلِّ بِكرٍ، إلا ذاتَ الأبِ التي خصَّصَها الإجماعُ، إلا الخِلافَ الذي ذكَرْناه، وكَونُ سائرِ الأولياءِ مَعلومًا منهم النظرُ والمَصلحةُ لوَليَّتهم يُوجِبُ أنْ يُلحَقُوا بالأبِ في هذا المَعنى، فمِنهم مَنْ ألحَقَ به جَميعَ الأولياءِ، ومنهم مَنْ ألحَقَ به الجَدَّ فقط؛ لأنه في معنى الأبِ؛ إذ كانَ أبًا أعلى، وهو الشافعيُّ، ومَن قصَرَ ذلك على الأبِ رَأى أنَّ ما للأبِ في ذلكِ غيرُ مَوجودٍ لغيرِه؛ إمَّا


(١) «المغني» (٧/ ٣٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>