للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : أمَّا البِكرُ الصغيرةُ فلا خِلافَ فيها، قالَ ابنُ المنذِرِ: أجمَعُ كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العلمِ أنَّ نكاحَ الأبِ ابنتَه البِكرَ الصغيرةَ جائزٌ إذا زوَّجَها مِنْ كُفءٍ، ويجوزُ له تَزويجُها مع كَراهيَتِها وامتناعِها، وقد دَلَّ على جَوازِ تَزويجِ الصغيرةِ قولُ اللهِ تعالَى: ﴿وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [الطلاق: ٤]، فجعَلَ للَّائِي لم يَحضنْ عدَّةَ ثلاثةِ أشهُرٍ، ولا تكونُ العدَّةُ ثلاثةَ أشهُرٍ إلَّا مِنْ الطَّلاقِ في نكاحٍ أو فَسخٍ، فدَلَّ ذلكَ على أنها تُزوَّجُ وتَطلُقُ، ولا إذنَ لها فيُعتبَرَ، وقالَتْ عائِشةُ : «تزوَّجَنِي النبيُّ وأنا ابنةُ سِتٍّ، وبنَى بي وأنا ابنةُ تِسعٍ» مُتفَقٌ عليهِ، ومَعلومٌ أنها لم تكنْ في تلكَ الحالِ ممَّن يُعتبَرُ إذنُها.

وروَى الأثرمُ أنَّ قُدامةَ بنَ مَظعونٍ تزوَّجَ ابنةَ الزُّبيرِ حينَ نَفسَتْ، فقيلَ لهُ، فقالَ: ابنةُ الزُّبيرِ إنْ متُّ وَرثتْنِي، وإنْ عِشتُ كانَتِ امرَأتي، وزوَّجَ عليٌّ ابنتَه أمَّ كُلثومٍ وهي صَغيرةٌ عُمرَ بنَ الخطَّابِ (١).

وقالَ ابنُ القطَّانِ الفاسِيُّ : وأجمَعُوا أنَّ لِلأبِ أنْ يزوِّجَ ابنتَه الصغيرةَ ولا يَستأذنَها (٢).

وقالَ الإمامُ أبو بكرٍ الجَصاصُ : وفي هذهِ الآيةِ دَلالةٌ أيضًا على أنَّ للأبِ تَزويجُ ابنتِه الصَّغيرةِ مِنْ حيثُ دلَّتْ على جوازِ تزويجِ


(١) «المغني» (٧/ ٣٠، ٣١).
(٢) «الإقناع» (٣/ ١١٦٥) رقم (٢١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>