للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَولُ الثَّاني: أنَّ الأبَ يقدَّمُ على الابنِ، وهو قَولُ الحَنابلةِ في المَذهبِ ومُحمدِ بنِ الحَسنِ مِنْ الحَنفيةِ وقَولٌ للمالِكيةِ؛ لأنَّ ولايةَ الأبِ تَعمُّ المالَ والنفسَ، فلا يَثبتُ للابنِ الولايةُ في المالِ، ولأنَّ الأبَ يَنظرُ لها عادةً، والابنَ يَنظرُ لنَفسِه لا لها، فكانَ الأبُ مقدَّمًا في الولايةِ؛ ولأنَّ الولايةَ تَثبتُ نظَرًا للمُولَّى عليهِ، وتصرُّفُ الأبِ أنظَرُ لها؛ لأنه أشفَقُ عليها مِنْ الابنِ، ولهذا كانَ هو أَولى بالتصرُّفِ في مالِها، ولأنَّ الأبَ مِنْ قَومِها والابنَ ليسَ منهُم، ألَا تَرَى أنه يُنسَبُ إلى أبيهِ، فكانَ إثباتُ الولايةِ عليها لقَرابتِها أَولى.

ولأنَّ الولَدَ مَوهوبٌ لأبيهِ، قالَ اللهُ تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى﴾ [الأنبياء: ٩٠]، وقالَ زَكريَّا: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً﴾ [آل عمران: ٣٨]، وقالَ: ﴿فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥)[مريم: ٥]، وقالَ إبراهيمُ: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ﴾ [إبراهيم: ٣٩]، وقالَ النبيُّ : «أنتَ ومالُكَ لأبيكَ» (١)، وإثباتُ وِلايةِ المَوهوبِ له على الهِبةِ أَولى مِنْ العكسِ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>