للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّانيةُ: إنَّ كلَّ مَنْ يَرثُ بفَرضٍ أو تَعصيبٍ يَلي؛ لأنه مِنْ أهلِ مِيراثِها، فوليُّها كعصَباتِها.

ولنَا: ما رُويَ عن عليٍّ أنه قالَ: «إذا بلَغَ النِّساءُ نَصَّ الحقائقِ فالعصَبةُ أَولى إذا أدرَكْنَ» (١)، رواهُ أبو عُبيدٍ في «الغَريبِ»، ولأنه ليسَ مِنْ عصَباتِها، فأشبَهَ الأجنبيَّ (٢).

وقالَ ابنُ بطَّالٍ : واختَلفُوا في الوليِّ، فقالَ مالِكٌ واللَّيثُ والثَّوريُّ والشافعيُّ: الأولياءُ هم العصَبةُ الذينَ يَرثونَ، وليسَ الخالُ ولا الجَدُّ لأمٍّ ولا الإخوةُ لأمٍّ أولياءَ عندَ مالكٍ في النكاحِ، وخالَفَهم مُحمدُ بنُ الحَسنِ فقالَ: كلُّ مَنْ لَزمَه اسمُ وليٍّ فهو وليٌّ يَعقدُ النكاحَ، وبه قالَ أبو ثورٍ.

قالَ الأبهَريُّ: والحُجةُ لمالكٍ ومَن وافَقَه في أنَّ ذَوِي الأرحامِ ليسُوا أولياءَ في النكاحِ وأنَّ الأولياءَ في ذلكَ العصَبةُ: هو أنَّ الوليَّ لمَّا كانَ مُستحِقًّا بالتَّعصيبِ لم يَكنْ للرَّحمِ مَدخلٌ فيهِ لعَدمِ التَّعصيبِ، كذلكَ عَقدُ النكاحِ؛ لأنَّ ذلكَ بولايةِ التَّعصيبِ.

قالَ ابنُ المُنذِرِ: وقولُه: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٣٢]


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو عبيد في «غريب الحديث» (٣/ ٤٥٦، ٤٥٧)، والبيهقي في «الكبرى» (١٣٤٧٣).
(٢) «المغني» (٧/ ١٣)، ويُنظَر: «شرح الزركشي» (٢/ ٣٢٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٤)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٦١)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>