للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتابُ منه أبعَدُ، ومَن هو على مَسافةِ القَصرِ لا تَلحقُ المَشقةُ في مُكاتَبتِه، والتوسُّطُ أَولى، واللهُ أعلَمُ.

ثمَّ قالَ: فصلٌ: وإنْ كانَ القَريبُ مَحبوسًا أو أسيرًا في مَسافةِ قريبةٍ لا تُمكِنُ مُراجَعتُه فهو كالبعيدِ، فإنَّ البُعدَ لم يُعتبَرْ لعَينِه، بل لتعذُّرِ الوصولِ إلى التزويجِ بنَظرِه، وهذا مَوجودٌ هاهُنا، ولذلكَ إنْ كانَ غائبًا لا يُعلَمُ أَقريبٌ أو بعيدٌ، أو يُعلَمُ أنه قريبٌ ولم يُعلَمْ مكانُه فهو كالبَعيدِ (١).

وذهَبَ الشَّافعيةُ وقَولٌ مُخرَّجٌ عندَ الحَنابلةِ إلى أنَّ الوليَّ الأقربَ إذا غابَ إلى مَرحلتَينِ ولا وكيلَ له حاضِرٌ بالبلدِ أو دونَ مَسافةِ القصرِ فإنَّ الولايةَ تَنتقلُ إلى سُلطانِ بَلدِها أو نائبِه دُونَ باقي الأولياءِ، فلا تَنتقلُ إليهم على الأصَحِّ؛ لأنَّ السلطانَ يَستوفِي لها حُقوقَها ويَنظرُ في مالها إذا فُقدَ وليُّها، فلذلكَ هو أحَقُّ بالتزويجِ مِنْ غيرِه، ولأنَّ الحاكِمَ يزوِّجُ كما في العَضلِ؛ إذِ الأبعَدُ مَحجوبٌ بالأقربِ والوِلايةُ باقيةٌ، فقامَ الحاكِمُ مَقامَه فيها؛ ولأنَّ الغائبَ وَليٌ والتزويجَ حَقٌّ له، فإذا تعذَّرَ استيفاؤُه منه نابَ عنه الحاكِمُ.

لكنَّ الأَولى أنْ يأذَنَ السلطانُ للوليِّ الأبعَدِ أو يَستأذِنَ؛ خُروجًا مِنْ الخِلافِ.


(١) «المغني» (٧/ ٢٥، ٢٦)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٣٣٤، ٣٣٥)، و «المبدع» (٧/ ٣٧، ٣٨)، و «الإنصاف» (٨/ ٧٦، ٧٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>