مِنْ العصَباتِ كما لو جُنَّ أو ماتَ، ولأنها حالةٌ يجوزُ فيها التَّزويجُ لغيرِ الأقرَبِ، فكانَ ذلكَ للأبعدِ كالأصلِ، وإذا عضَلَها الأقرَبُ فهو كمَسألتِنا.
وكذلكَ الحُكمُ إذا كانَتْ غَيبتُه مُنقطِعةً؛ لأنَّ مثلَ هذا تَتعذَّرُ مُراجَعتُه بالكليةِ، فتكونُ مُنقطِعةً، أي: يَنقطعُ مِنْ إمكانِ تَزويجِه، وقالَ القاضي: يَجبُ أنْ يكونَ حَدُّ المَسافةِ أنْ لا تردَّدَ القَوافلُ فيه في السَّنةِ إلا مرَّةً؛ لأنَّ الكُفءَ يَنتظرُ سَنةً ولا يَنتظرُ أكثَرَ منها، فيَلحقُ الضرَّرُ بتَركِ تزويجِها.
وقد قالَ أحمَدُ في مَوضعٍ: إذا كانَ الأبُ بَعيدَ السَّفرِ يزوِّجُ الأخُ، قالَ أبو الخطَّابِ: فيُحتملُ أنه أرادَ بالسفرِ البعيدِ ما تُقصَرُ فيه الصلاةُ؛ لأنَّ ذلكَ هو السفرَ الذي عُلِّقتْ عليه الأحكامُ، وذهَبَ أبو بكرٍ إلى أنَّ حَدَّها ما لا يَقعُ إلا بكُلفةٍ ومَشقَّةٍ؛ لأنَّ أحمدَ قالَ: إذا لم يكنْ وليٌّ حاضرٌ مِنْ عصَبتِها كتَبَ إليهم حتَّى يَأذَنوا، إلا أنْ تكونَ غَيبةً مُنقطِعةً لا تُدرَكُ إلا بكُلفةٍ ومَشقةٍ فالسُّلطانُ وليُّ مَنْ لا وليَّ لهُ.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وهذا القولُ إنْ شاءَ اللهُ تعالى أقرَبُها إلى الصوابِ؛ فإنَّ التَّحديداتِ بابُها التَّوقيفُ، ولا تَوقيفَ في هذهِ المَسألةِ، فتُردُّ إلى ما يَتعارفُه الناسُ بينَهم ممَّا لم تَجرِ العادةُ بالانتظارِ فيه، ويَلحقُ المرأةَ الضررُ بمَنعِها مِنْ التزويجِ في مِثلِه، فإنه يتعذَّرُ في ذلكَ الوصولُ إلى المَصلحةِ مِنْ نَظرِ الأقربِ، فيكونُ كالمَعدومِ، والتَّحديدُ بالعامِ كبيرٌ؛ فإنَّ الضررَ يَلحقُ بالانتظارِ في مثلِ ذلكَ ويَذهبُ الخاطبُ، ومَن لا يَصلُ