للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا إنْ غابَ دونَ مَرحلتَينِ فلا يزوِّجُ إلا بإذنِه في الأصَحِّ؛ لقِصَرِ المَسافةِ، فيُراجَعُ فيَحضرُ أو يوكِّلُ كما لو كانَ مُقيمًا.

والثَّاني: يزوِّجُ؛ لئلَّا تَتضرَّرَ بفواتِ الكُفءِ الراغبِ كالمسافةِ الطَّويلةِ.

لكنْ هذا إذا غابَ مَسافةَ القَصرِ أو كانَ مَفقودًا لا يُعرَفُ مكانُه ولا مَوتُه وحَياتُه، فيزوِّجُها السُّلطانُ؛ لتعذُّرِ نكاحِها مِنْ جهتِه، أما إنِ انتَهى الأمرُ إلى غايةٍ يَحكمُ القاضِي فيها بمَوتِه وقسَّمَ مالَه بينَ ورَثتِه انتقَلَتِ الولايةُ إلى الأبعدِ.

ويُستحبُّ للسُّلطانِ أنْ لا يزوِّجَ مَنْ تدَّعي غَيبةَ وليِّها حتَّى يَشهدَ شاهِدانِ أنه ليسَ لها وليٌّ حاضِرٌ وأنها خَليةٌ عن النكاحِ والعدَّةِ، وقيلَ: يَجبُ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا المسألةُ الثانيةُ: فإنَّ مالِكًا يقولُ: إذا غابَ الوليُّ الأقرَبُ انتَقلَتِ الولايةُ إلى الأبعَدِ، وقالَ الشافعيُّ: تَنتقلُ إلى السُّلطانِ.

وسَببُ اختِلافِهم هل الغَيبةُ في ذلكَ بمَنزلةِ المَوتِ أم لا؟ وذلكَ أنه لا خِلافَ عندَهم في انتقالِها في الموتِ.

وأمَّا المَسألةُ الثالثةُ وهي غَيبةُ الأبِ عن ابنَتِه البكرِ: فإنَّ في المَذهبِ فيها تَفصيلًا واختلافًا، وذلك راجِعٌ إلى بُعدِ المكانِ وطُولِ الغَيبةِ، أو قُربِه


(١) «المهذب» (٢/ ٣٧)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٧٠٦، ٧٠٨)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٩٦، ٩٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٦٢)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٦١٤، ٦١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>