القِسمُ الثالِثُ: إذا حصَلَ للوليِّ المُجبِرِ أو غيرِه أسْرٌ أو فُقدَ ولم يُعلَمْ له خبَرٌ ولا عُرفَ مَوضوعُه فيَنزلُ بمَنزلةِ الموتِ على المَشهورِ؛ لتَنزيلِ أسْرِ الأقرَبِ أو فقْدِه مَنزلةَ موتِه، وهو إذا ماتَ تَنتقلُ الولايةُ للأبعَدِ، فيزوِّجُها الأبعَدُ مِنْ أوليائِها لا الحاكِمُ وإنْ جرَتْ على البِكرِ النَّفقةُ ولم يُخَفْ عليها.
وقيلَ: أنَّ الأسيرَ والمَفقودَ كذِي الغَيبةِ البعيدةِ، لا يزوِّجُ ابنتَهُما إلا الحاكِمُ، ولا يُنقلُ الأمرُ للأبعدِ (١).
وقالَ الحَنابلةُ: إذا كانَ وليُّها غائبًا في مَوضعٍ لا يَصلُ إليهِ الكتابُ أو يَصلُ فلا يُجيبُ عنه زوَّجَها مَنْ هو أبعَدُ منه مِنْ عصَبتِها دونَ الحاكمِ، فإنْ لم يكنْ لها وَليٌّ أقرَبُ زوَّجَها الحاكمُ؛ لقولِ النبيِّ ﷺ:«السُّلطانُ وَليُّ مَنْ لا وليَّ له»، وهذه لها وَليٌّ مُناسِبٌ فيزوِّجُ بحُكمِ الحَديثِ، فلا يكونُ السُّلطانُ وليَّها، ولأنَّ البعيدَ يُرجَّحُ بقُربِ نسَبِه والقَريبَ بقُربِ مَحلِّه فتَساويَا، ولأنَّ الأقرَبَ تعذَّرَ حُصولِ التزويجِ منه، فتَثبتُ الولايةُ لمَنْ يَليهِ
(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٩٩) رقم (١١٣٤)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٥٠٢، ٥٠٣)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٦٩، ٧٠)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ١٨٦، ١٨٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٢٧، ٢٨)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٥٦٤، ٥٦٦)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٤/ ٤٥٤، ٤٥٧).